الغيري يكون موجبا للفساد ، كلّ ذلك بناء على كون النهي المذكور مخصّصا لدليل الأمر وإن كان بينهما عموم من وجه ، لما تقدّم من الاتّحاد بين المتعلّقين ، بمعنى أنّ الصلاة المزاحمة بالازالة تكون مأمورا بها ، نظرا إلى مثل قوله تعالى ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ )(١) الشامل لما إذا كانت ضدّا للازالة أو لم تكن ، كما أنّها بنفسها تكون منهيا عنها ، نظرا إلى ما دلّ على حرمة الفعل الذي هو ضدّ للمأمور به أعني الازالة ، سواء كان ذلك الضدّ هو الصلاة أو كان غيرها ، فيجتمعان في الصلاة المزاحمة بالازالة ، وبعد تقديم دليل الحرمة على دليل الوجوب تكون الصلاة المذكورة خارجة عن عموم الأمر خروجا واقعيا وتخصيصا شرعيا ، موجبا لاخراجها عن الأمر خطابا وملاكا.
وهذا كلّه إنّما يتمّ لو كان لنا دليل يدلّ على حرمة الضدّ استقلالا ذا (٢) كيان في حدّ نفسه ، أمّا إذا لم يكن ذلك التحريم إلاّ مولدا من الأمر بالازالة الذي لا ريب في كون نسبته إلى الأمر بالصلاة نسبة التزاحم دون التعارض ، فحينئذ يستحيل كون ذلك التحريم المولد من الأمر بالازالة معارضا للأمر بالصلاة ، بل لا يكون بينهما إلاّ عين تلك النسبة أعني نسبة التزاحم ، وحينئذ لا يكون تقدّم ذلك التحريم الغيري الطارئ على الصلاة إلاّ من قبيل التقدّم في باب المزاحمة دون التعارض ، وحيث كان التقديم المذكور تقديما تزاحميا لا تقديما تعارضيا فلا يكون نتيجته إلاّ إسقاط الأمر بالصلاة خطابا لا ملاكا ، وحينئذ يتأتّى تصحيح الصلاة المذكورة بالملاك كما يتأتّى تصحيحها بالترتّب ، ويكون حال الصلاة المذكورة على القول بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ كحالها فيما
__________________
(١) البقرة ٢ : ٤٣.
(٢) [ هكذا في الأصل ].