هنا ما قابل ذلك أي ما لا يحتاج صحّتها إلى النيّة ، سواء كان من الواجبات كغسل الثياب والأواني ، أو من العقود أو الايقاعات ، فإنّ المصالح فيها واضحة لا يتوقّف حصولها على قصد الامتثال ، وإن لم يحصل الثواب في الواجبات ، وحصل العقاب في إتيانها واتيان المعاملات على الطريق المحرّم ، ولذلك لا يكلّف من غسل ثوبه بماء مغصوب أو باجبار غيره عليه ، أو بحصوله من مسلم دون اطّلاعه باعادة الغسل ، وكذلك ترتّب الآثار على الأفعال في المعاملات المحرّمة كترتّب المهر والارث والولد لمن دخل بزوجته في حال الحيض وغير ذلك ، انتهى (١).
فصرّح بأنّ مثل غسل الثياب داخل في العنوان ، مع أنّه قد صرّح بأنّه لو كان قد وقع على جهة التحريم لم يكن ذلك موجبا لعدم ترتّب أثره عليه ، وما ذلك إلاّ من جهة أنّ كونه بحسب نظره لا يقتضي الفساد لا ينافي كون العنوان شاملا له.
وقال المرحوم الشيخ محمّد تقي في حاشية المعالم : ثانيها أنّ ما يتعلّق به النواهي قد تكون قابلة للصحّة والفساد كالعبادات والعقود والايقاعات ، وغيرها من الأفعال الموضوعة لترتّب آثار معيّنة كغسل الثياب والتذكية ، وقد لا تكون قابلة لذلك كالنهي عن الزنا والسرقة ونحوهما ممّا أشرنا إليه.
والثاني ممّا لا كلام فيه ، ولا كلام أيضا في عدم خروجه عن حقيقة النهي. ومحلّ الخلاف هو الأوّل ، سواء قام هناك دليل عام على الصحّة أو لا. ومن المقرّر أنّ الأصل الأصيل في الجميع هو الفساد ، لوضوح توقّف العبادة على تعلّق الأمر بها ، وهو خلاف الأصل. كما أنّ ترتّب الآثار على المعاملات على خلافه ، لأصالة بقاء الشيء على ما هو عليه. وحينئذ فالحكم بصحّتها يتبع الدليل الدالّ عليها من عموم أو خصوص ، وحينئذ فإن قام دليل على صحّة العبادة أو المعاملة وتعلّق
__________________
(١) قوانين الأصول ١ : ١٥٤ ـ ١٥٥.