والسلب ـ فلأنّ ضابط تقابل النقيضين هو التقابل الراجع إلى تقابل الوجود والعدم المحموليين اللاحقين لكلّ ماهية ، ممكنة كانت أو ممتنعة ، فإنّ أي ماهية من الماهيات إمّا أن تكون موجودة فيحمل عليها الوجود وإمّا أن تكون معدومة فيحمل عليها العدم.
وأمّا تقابل العدم والملكة فهو التقابل الراجع إلى تقابل الوجود والعدم النعتيين اللاحقين لما من شأنه الاتّصاف بالصفة الكذائية ، فإمّا أن يكون متّصفا بها وإمّا أن يكون غير متّصف بها ، ويكون مورد الاتّصاف بالصفة الكذائية وعدم الاتّصاف بها هو الشيء بعد وجوده.
ومن الواضح أنّ كون الشيء صحيحا أو فاسدا ليس من النحو الأوّل ، فإنّ الفساد وإن كان أمرا عدميا والصحّة أمرا وجوديا إلاّ أنّهما ليسا محموليين ، بل هما نعتيان لاحقان للشيء بعد وجوده ، فإنّ الشيء بعد وجوده إمّا أن يكون واجدا لوصف الصحّة ، وإمّا أن يكون وصف الصحّة معدوما فيه مع كونه من شأنه أن يكون صحيحا ، فيكون تقابلهما فيه تقابل العدم والملكة لا تقابل النقيضين ، انتهى.
قلت : لا يخفى أنّه ربما قيل إنّ الصحّة أمر عدمي ، بمعنى عدم طرو المفسد ، وذلك كما في صحّة الأشياء الطبيعية مثل مزاج الإنسان أو الحيوان ، لكن ذلك خارج عمّا نحن فيه ، فإنّ الصحّة المبحوث عنها هي الجامعية ، ويقابلها الفساد بمعنى انفقاد بعض الأجزاء أو الشرائط ، فتكون الصحّة وجودية والفساد عدميا.
ثمّ بعد هذا نقول : إنّ مراده قدسسره أنّ الصحّة والفساد الذي هو عبارة عن عدم الصحّة لا ريب في كونهما من قبيل الوجود والعدم ، إلاّ أنّ ما يطرؤه الوجود