والعدم إن كان من الجواهر فلا ريب في أنّ نسبة كلّ منهما إليه إنّما تكون باعتباره في نفسه ، وحينئذ يكون الوجود والعدم بالقياس إليه من قبيل الوجود والعدم المحموليين ، ويكون تقابلهما فيه من قبيل تقابل الايجاب والسلب ، وهو تقابل النقيضين ، ويعبّر حينئذ عن ذلك الوجود بمفاد كان التامّة ، وعن ذلك العدم بمفاد ليس التامّة.
وإن كان ما يطرؤه الوجود والعدم من الأعراض مثل القيام والقعود ونحو ذلك ، فتارة يكون نسبة الوجود والعدم إليه باعتباره في نفسه ، ويكون حاله من هذه الجهة حال الجوهر في أنّ وجوده وعدمه من قبيل الوجود والعدم المحموليين ، ويكون تقابلهما فيه من تقابل الايجاب والسلب وتقابل النقيضين ، ويكون مفاد الوجود فيه مفاد كان التامّة ، ومفاد العدم فيه مفاد ليس التامّة ، وتارة يكون نسبة الوجود والعدم إليه لا باعتباره في حدّ نفسه ، بل باعتباره وجوده لمعروضه المعبّر عنه بالموضوع والمحل الذي يقوم فيه ، بحيث يلاحظ القيام بالنسبة إلى الذات التي يتقوّم بها فيقال إنّه موجود لتلك الذات أو إنّه معدوم منها ، ويعبّر عن ذلك بقيام زيد مثلا وبعدم قيامه ، ولا ريب أنّ وجود القيام لزيد وعدمه له إنّما يكون بعد فرض وجود زيد ، فيقال كان زيد قائما أو ليس قائما.
وحينئذ يكون وجود القيام وعدمه نعتيين لكونهما مأخوذين نعتا لزيد ، ويعبّر عن الأوّل بمفاد كان الناقصة ، وعن الثاني بمفاد ليس الناقصة ، فيكون زيد بعد فرض وجوده منعوتا بوجود القيام له أو منعوتا بعدم وجود القيام له ، وحينئذ يكون تقابلهما فيه من قبيل تقابل العدم والملكة ، لا من قبيل تقابل النقيضين والايجاب والسلب الصرفين ، بل إنّ ذلك السلب ملحوظ فيه جهة إيجاب في الجملة وهي لحاظ كونه ـ أي كون ذلك السلب أعني سلب القيام ـ ثابتا ولا حقا