تنزيله منزلة المنطبق عليه ، وحينئذ تكون الصحّة مجعولة شرعا.
وأمّا الظاهري فيقع الكلام فيه تارة قبل انكشاف الخلاف وأخرى بعده ، أمّا قبل الانكشاف فبناء على ما حقّقناه في محلّه من أنّ الحكم الظاهري عبارة عن التنزيل الشرعي وجعل الهوهوية يكون مرجعه إلى جعل المأتي به بالأمر الظاهري منطبقا على الكلّي الواقعي ، فتكون الصحّة وكذلك الفساد في هذه المرحلة مجعولة أيضا. وأمّا بعد انكشاف الخلاف فقد حقّقنا في محلّه أنّ مجرّد الحكم الظاهري لا يقتضي الاجزاء بعد انكشاف الخلاف ، فلا يتصوّر حينئذ الصحّة في هذه المرحلة. نعم ، لو دلّ الدليل على الاجزاء في هذه المرحلة كان مرجعه إلى التصرّف في مقام الامتثال والحكم الشرعي بانطباق ذلك المأتي به على ذلك الكلّي الواقعي ، فتكون الصحّة في هذه المرحلة مجعولة شرعا. هذا بعض ما حرّرته عنه قدسسره في هذا البحث ، وهو مفصّل فإن شئت فراجعه (١).
قلت : والذي يظهر من هذا التحرير ومن هذه الكلمات التي حرّرتها عنه قدسسره أنّ شيخنا قدسسره أخذ الصحّة من حيث مطابقة الفعل لما هو المأمور به أو لما هو المشرّع ، وهذه المطابقة تكون انتزاعية صرفة إلاّ في الفعل المأمور به بالأمر الظاهري بالنسبة إلى ما هو المأمور به واقعا ، فإنّ هذه المطابقة لا تكون إلاّ بحكم الشارع بتنزيل المأتي به منزلة الواجد.
وهذا المطلب بعد محتاج إلى التأمّل ، أمّا بالنسبة إلى الأمر الظاهري قبل انكشاف الخلاف فلأنّ مرجع الأمر الظاهري إلى تنقيح ما هو المأمور به واقعا ، وبعد تنقيحه بالأمر الظاهري يكون انطباق المأتي به على ذلك المأمور به الواقعي الثابت بدليل الأمر الظاهري انطباقا قهريا. ولا دخل له بالجعل الشرعي. وأمّا
__________________
(١) مخطوط لم يطبع بعد.