النهي على الفساد في مثل ذلك ، وهذا لا يوجب خروجه عن عنوان النزاع ، وحينئذ نقول إنّ مثل هذا النهي داخل في محلّ النزاع ، غايته أنّ المختار فيه هو عدم الدلالة على الفساد ، وهو لا ينافي ما نريده من أنّ الدخول في محلّ النزاع لا يتوقّف على كونه في حدّ نفسه محكوما بالصحّة لو لا النهي ، بل يدخل فيه ما كان في حدّ نفسه محكوما بالفساد. والغرض أنّ النهي لو اقتضى الفساد لكان كدليل اجتهادي عليه ، وإن كان هو في حدّ نفسه لو لا النهي محكوما بالفساد استنادا إلى أصالة الفساد.
بل يمكن أن يقال إنّ هذه المعاملة فاسدة وإن لم يكن حديث السلطنة شاملا لها مع قطع النظر عن النهي ، لكونها من قبيل الشكّ في نفوذ ذلك السبب ، وحديث السلطنة لا يرفع الشكّ من هذه الناحية لعدم كونه مشرعا ، إلاّ أنّ حرمة هذه المعاملة كافية في الحكم بفسادها ، استنادا إلى أنّ النهي يوجب عدم قدرة المكلّف في عالم التشريع عليها ، وهو كاف في الحكم بفسادها ، وإن لم يكن ذلك النهي موجبا لخروجها عن عموم حديث السلطنة وغيره.
وحينئذ يكون فسادها مستندا إلى الدليل الاجتهادي ، الذي هو النهي السالب للقدرة في عالم التشريع على المعاملة ، وبذلك تخرج عن الفساد المستند إلى أصالة الفساد.
قوله : ولو لم يكن تمثيله بما ذكره لأمكن حمل كلامه قدسسره على إرادة القابلية من الاقتضاء ... الخ (١).
قال في القوانين : الثالثة محلّ النزاع في هذا الأصل ما تعلّق النهي بشيء بعد ما ورد عن الشارع له جهة صحّة ، ثمّ ورد النهي عن بعض أفراده ، أو خوطب به
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢١١ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].