عامّة المكلّفين ثمّ استثني منه بعضهم ، فمثل الامساك ثلاثة أيّام والقمار ونحو ذلك ليس من محلّ النزاع في شيء ، إذ الكلام والنزاع في دلالة النهي على الفساد وعدمه ، وما ذكر فاسد بالأصل ، لأنّ الأصل عدم الصحّة ، وأمّا الفساد فيدلّ عليه عدم الدليل الخ (١).
والظاهر أنّا لو أسقطنا هذا المثال لم يمكننا أن نحمل العبارة المذكورة على ما تقدّم (٢) من أنّه يعتبر في محلّ النزاع أن يكون الشيء في حدّ نفسه قابلا للاتّصاف بالصحّة والفساد ، ليخرج منه ما لا يكون كذلك.
ثمّ إنّ شيخنا قدسسره أفاد فيما حرّرته عنه أنّ محلّ النزاع شامل لما تكون الشبهة في صحّته لو لا النهي حكمية كهذا المثال ، والأولى تبديله بصوم الصمت ، ولما تكون الشبهة فيه مفهومية ، كما لو ورد النهي عن النافلة الرباعية مع الشكّ في كون النافلة المشروعة شاملة للرباعية ، ولما تكون الشبهة في صحّته لو لا النهي مصداقية ، كما لو شككنا في الصلاة إلى هذه الجهة الخاصّة في كونها صلاة إلى القبلة وورد النهي عن الصلاة إلى تلك الجهة ، فكلّ هذه الأمثلة يكون النهي فيها داخلا في محلّ النزاع.
قلت : وهذه الأمثلة وإن كانت لو لا النهي محكومة بالفساد استنادا إلى أصالة الفساد ، لأنّ الفرض أنّه لا عموم يشملها كي يكون ذلك العموم حاكما بصحّتها لو لا النهي ، إلاّ أنّها مع ذلك هي داخلة في محلّ النزاع ، لأنّها على تقدير القول يكون النهي فيها مقتضيا للفساد تكون محكومة بالفساد لأجل الدليل الاجتهادي الذي هو النهي ، وذلك كاف في الثمرة المترتّبة على دخولها في محلّ النزاع ، وإن
__________________
(١) قوانين الأصول ١ : ١٥٥.
(٢) في المقدّمة الرابعة ، راجع أجود التقريرات ٢ : ٢٠٤.