على الصحّة أو قاعدة الفراغ ونحو ذلك من الأصول الجارية في الشبهات الموضوعية في باب المعاملات لو كان الشكّ بعد الفراغ ، ولو كان قبله جرى فيه أصالة عدم ترتّب الأثر ، هذا حال الشبهة في العبادات والمعاملات من الجهة الأولى.
وأمّا الشبهة فيهما من الجهة الثانية فالذي ينبغي أن يكون موردها هو بعد الفراغ من الجهة الأولى ، بمعنى أن تكون المعاملة أو العبادة في حدّ نفسها مع قطع النظر عن تعلّق النهي بها محكوما بصحّتها ، إذ لو كانت في حدّ نفسها محكوما بفسادها ولو بأصالة الفساد ، لم يكن للكلام عليها أثر من ناحية الجهة الثانية ، إذ لا محصّل للبحث عن أنّه هل الأصل في مثل صوم الصمت بعد نهي الشارع عنه هو كون النهي عنه موجبا لفساده أو كونه غير موجب لذلك ، بعد فرض كون الصوم المذكور في حدّ نفسه قبل ملاحظة طروّ النهي عليه محكوما بأصالة الفساد للشكّ في مشروعيته. إلاّ أن يقال إنّ ذلك بحث علمي وإن لم يترتّب عليه أثر عملي ، وحاصل ذلك : أنّ البحث عن صحّة مثل تلك العبادة يكون من ناحيتين : من ناحية نفسها ، ومن ناحية تعلّق النهي بها الراجع إلى الشكّ في مانعية النهي التحريمي ، لامكان الرجوع إلى أصالة البراءة من هذه المانعية ، مع فرض كون العبادة في حدّ نفسها محكومة بأصالة عدم المشروعية.
وبالجملة : أنّا وإن تقدّم (١) منّا ما قدّمناه في الإشكال على صاحب القوانين قدسسره ، إلاّ أنّ ذلك إنّما كان باعتبار أنّ الفساد الناشئ عن النهي غير الفساد الناشئ عن الأصل ، لكون الناشئ عن النهي يكون راجعا إلى الدليل الاجتهادي ، والناشئ عن الأصل يكون من قبيل الأصل العملي. لكن ذلك إنّما هو لو أثبتنا
__________________
(١) في الحاشية السابقة.