النهي به موجبا لعدم تأثير ملاكه في تعلّق الأمر به. فالفساد في هذه الصورة وإن كان في الحقيقة مستندا إلى عدم الأمر الناشئ عن مغلوبية ملاكه لملاك النهي ، إلاّ أنّه يمكن التوسّع في استناده إلى النهي ، لكون تعلّقه بذلك الفعل ملازما لمغلوبية ملاك الأمر فيه. أمّا ما لا يكون في حدّ نفسه واجدا لذلك الملاك فلا يكون فساده ناشئا إلاّ عن عدم الأمر ، سواء كان منهيا عنه أو لم يكن. وهكذا الحال فيما لو كان ذا ملاك لكن كان ملاك النهي فيه مساويا لملاك الأمر ، فإنّ فساده لا يكون ناشئا إلاّ عن عدم الأمر.
وإن شئت فقل : إنّ عدم صحّة كونه عبادة ناشئ عن عدم وجدانه للملاك المؤثّر في تعلّق الأمر به ، وفي الحقيقة أنّ ذلك الفعل في المرتبة السابقة على تشريع كلّ من الأمر والنهي لا يتّصف بصحّة ولا بفساد ، وإنّما يتّصف بذلك في المرتبة المتأخرة عن التشريع ، وحيث إنّ ملاك النهي فيه كان غالبا كان الحكم المشرّع فيه هو النهي ، وحينئذ يكون فساده مستندا إلى تشريع النهي فيه أو إلى عدم الأمر في مرتبة التشريع. أمّا عدم الأمر السابق في الرتبة على التشريع فلا يكون مؤثّرا في فساده قطعا ، لما عرفت من أنّه في الرتبة السابقة على التشريع لا يتّصف بصحّة ولا فساد.
وحينئذ فما في تحرير المرحوم الشيخ محمّد علي (١) من استناد الفساد فيه إلى عدم الأمر ، لكونه سابقا على النهي ، لم يتّضح وجهه ، إذ لو كان المراد هو العدم السابق على التشريع فقد عرفت أنّه في تلك الرتبة لا يتّصف بأحدهما ، وإن كان المراد به العدم في رتبة التشريع فليس هو ـ أعني ذلك العدم ـ سابقا على النهي ولو رتبة [ لما تقدّم ] في محلّه من عدم كون عدم أحد الضدّين سابقا [ في
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٦٣.