ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره في مسألة النهي عن الجزء من كونه موجبا لتقيّد العبادة بعدمه يمكن أن يتأتّى في النهي عن الشرط ، فإنّ المنهي عنه لو لا النهي يكون مأمورا به بالأمر الشرطي ، لشمول عموم ذلك الشرط له ، فيمكن أن يقال إنّ النهي عن ذلك الذي لو خلي ونفسه لكان داخلا في عموم الشرط يوجب تقيّد العبادة بعدمه ، على حذو ما أفاده قدسسره في أنّ النهي عن ذلك الذي لو خلي ونفسه لكان داخلا في عموم الجزء يوجب تقيّد العبادة بعدمه.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره هنا من أنّ الشرط في باب الوضوء هو أثر الأفعال لا نفسها ، لعلّه مناف لما أفاده في مباحث الأوامر ص ١٤٧ وص ١٤٨ (١) من أنّ عبادية هذه الأفعال إنّما جاءت من ناحية الأمر الشرطي الضمني النفسي ، فإنّ ظاهر ما أفاده قدسسره هناك أنّ الشرط هو نفس هذه الأفعال ، وأنّ الأمر الشرطي الضمني النفسي إنّما هو متعلّق بها ، وهو المصحّح لعباديتها ، فراجع وتأمّل.
ثمّ إنّ ما أفاده قدسسره من كون النهي عن الجهر في القراءة هو عين النهي عن القراءة يمكن التأمّل فيه ، فإنّ الجهر وإن كان صفة للقراءة إلاّ أنّه خارج عن حقيقتها.
نعم ، إنّ متعلّق النهي الذي هو الجهر في القراءة أخصّ ممّا هو متعلّق الأمر ، وسواء قلنا بأنّ تركّبهما انضمامي نظرا إلى أنّهما من مقولتين ، لأنّ الأولى أعني القراءة من مقولة الفعل ، والثانية أعني الجهر بمنزلة الكيف للأولى. أو قلنا بأنّ تركّبهما اتّحادي ، بدعوى كونهما من مقولة واحدة ، أو أنّهما وإن كانا من مقولتين لكن لمّا كانت الثانية صفة للأولى كان تركّبهما اتّحاديا. وسواء قلنا بالاتّحاد أو
__________________
(١) حسب الطبعة القديمة ، راجع أجود التقريرات ١ : ٢٥٥ من الطبعة الحديثة ( قوله : والتحقيق في الجواب عن الإشكال ... ) ـ ٢٥٧.