من مالكية الشارع للعمل الواجب أنّه يملكه على المكلّف بنحو مالكية المستأجر العمل على الأجير ، فهذا ممنوع أشدّ المنع.
التوجيه الثاني : أنّ إيجاب العمل يوجب سلب سلطنة المكلّف على ذلك العمل ، بل يوجب سلب قدرته عليه ، لأنّه لا بدّ في السلطنة والقدرة من كون طرفي الفعل وجودا وعدما بيد الفاعل ، والايجاب يوجب سلب قدرته على الترك ، كما أنّ التحريم يوجب سلب قدرته على الفعل ، ويكون الفعل بطروّ الوجوب أو التحريم عليه خارجا في عالم التشريع عن قدرة الفاعل وعن سلطنته عليه ، فلا يصحّ أخذ الأجرة عليه ، لأنّه لا بدّ في الاجارة من كون الأجير مسلّطا على الفعل مقدورا له.
وهذا التوجيه وإن نوقش فيه في محلّه ، إلاّ أنّ نظر شيخنا قدسسره في الاستشهاد بالفرع المذكور إلى هذا التوجيه الثاني ، وإن كانت بعض كلماته تشير إلى التوجيه الأوّل.
التوجيه الثالث لبطلان الاجارة : هو أنّه لا بدّ في صحّة الاجارة من كون العمل الذي تقع عليه الاجارة حاصلا للمستأجر ، ولو كان الفعل واجبا عليه لم يكن ذلك العمل حاصلا للمستأجر ، على تفصيل مذكور في محلّه الذي أشرنا إليه.
وهذا التوجيه لو كان هو المستند في بطلان الاجارة على الواجبات لم يكن محل للاستشهاد بها لما نحن فيه. وشيخنا قدسسره في ذلك المبحث جعل بطلان الاجارة مستندا إلى كلّ واحد من هذه الوجوه ، وإن كان كلّ واحد منها على انفراده كافيا في الحكم بفساد الاجارة ، فراجع ذلك المبحث بتمامه وتمام ما حرّرناه في