العين ، أو أنّه قد نذر ذلك ، فلا يكون بيعها نافذا ، لأنّ الأمر بالشيء وإن لم يوجب النهي عن ضدّه ، إلاّ أنّه يوجب سلب القدرة والسلطنة على ذلك الضدّ ، فتفسد من هذه الجهة ، ويكون العصيان وتخلّف الشرط وحنث النذر حاصلين بما قارن تلك المعاملة ـ أعني ترك ذلك الضدّ المشروط أو المنذور ـ لا بنفس المعاملة المذكورة. هذا فيما كان ذلك الضدّ تصرّفا في نفس العين ، مثل الصدقة ونحوها من التصرّفات في العين التي قد وقعت شرطا أو منذورة. أمّا ما لا يكون تصرّفا في نفس تلك العين ، بل كان فعلا خارجيا اتّفق أن قد صار ضدّا للمعاملة التي أوقعها ذلك المكلّف ، كما لو وجب عليه عمل خارجي بنذر أو بشرط ، ولم يكن ذلك العمل تصرّفا في تلك العين ، لكنّه اتّفق مضادّته للمعاملة التي أوقعها المكلّف من جهة أنّ الزمان لا يسعهما والمكلّف لا يقدر على الجمع بينهما في آن واحد ، فلا يكون ترك ذلك الفعل الواجب بالنذر أو الشرط والاقدام على تلك المعاملة المزاحمة له موجبا لفساد المعاملة ، وإن أوجب ذلك الترك العصيان والخيار والكفّارة بالحنث.
ونظير ذلك ما لو وجبت عليه إزالة النجاسة عن المسجد فوريا وعصى واشتغل بالبيع ، فإنّه لا يوجب بطلان البيع المزبور. ومن هذا القبيل البيع وقت النداء بناء على أنّه ليس في البين إلاّ وجوب المسارعة إلى الصلاة ، وأنّ قوله تعالى : ( وَذَرُوا الْبَيْعَ )(١) إرشاد إلى ذلك. بل قد عرفت (٢) أنّ من هذا القبيل النهي عن البيع لا بما أنّه تصرّف في المال ونقل للملكية ، بل بما أنّه فعل خارجي فلاحظ وتأمّل.
والخلاصة : أنّ مثل هذه التكاليف لا توجب سلب سلطنة المكلّف على
__________________
(١) الجمعة ٦٢ : ٩.
(٢) في الصفحة : ٣٣٥.