المائية ، فإنّه يلزمه التيمّم ، لخوف فوت الوقت مع عدم المؤمّن ، الذي هو الاستصحاب في المسألة الأولى ، فإنّ موضوع وجوب التيمم وإن كان هو الخوف ، إلاّ أنّ استصحاب بقاء الوقت رافع شرعي لذلك الخوف الوجداني ، لأنّه عبارة عن احتمال عدم بقاء الوقت إلى الحدّ الذي تكمل فيه الصلاة مع الطهارة المائية. وإلى ذلك ينظر السيد قدسسره في العروة (١) في التفرقة بين المسألتين ، وإن كانت عبارته لا تخلو من إجمال ، ولعلّ هذا الإجمال هو الذي أوجب توجّه الايراد عليه من جماعة من المحشّين بما حاصله أنّه لم يظهر الفرق بين الصورتين.
نعم ، هناك مطلب آخر لعلّه هو المنشأ في الحكم بعدم الفرق بين الصورتين وهو دعوى عدم جريان الاستصحاب في الصورة الأولى لكونه مثبتا ، فإنّه بناء على أنّ موضوع سقوط الوضوء هو الخوف الوجداني أعني تلك الحالة النفسانية ، وهي ليست عين احتمال عدم بقاء الوقت أو عدم العلم ببقائه ، كي يكون استصحاب بقاء الوقت حاكما تعبّدا بنفيها ، بل هي لازمة عقلا للاحتمال المذكور ، فلا يكون استصحاب بقاء الوقت حاكما تعبّدا بعدمها إلاّ على الأصل المثبت.
أمّا مسألة خوف الضرر من الصوم فهي نظير المسألة الثانية ، التي لا مجرى فيها للاستصحاب أصلا فضلا عن كونه مثبتا. واستصحاب الصحّة وعدم المرض لا أثر له ، إذ الأثر إنّما هو مترتّب على الضرر والخوف منه ، لا على الصحّة والمرض. ولو صام مقدارا من اليوم فلم يضرّه الصوم لم يمكنه استصحاب عدم مضرّيته فيما يأتي من باقي ذلك اليوم ، لأنّ كون ما مضى من الامساك غير مضرّ لا
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٢ : ١٨٤ ـ ١٨٥.