محال أيضا ، من جهة انتهائه إلى قدم العالم.
أمّا مثل ما نحن فيه من التكاليف التي يكون وجودها بالاعتبار فلا مانع منه ، ولا يستلزم الجعل الدائم ولا التشريع المستمر ، بل يكفي فيه الجعل الواحد على نحو القضية الحقيقية ، بأن يقول أطع كلّ أمر لي ، وتكون القضية شاملة لنفسها ، على حذو ما ذكروه في مثل كلّ خبر لي فهو صادق. نعم ، مثل قوله : كلّ خبر لي فهو كاذب ، لو كانت القضية شاملة لنفسها لا يمكن الحكم بتصديقها ، لأنّه يلزم من التصديق عدمه.
ولا يخفى أنّ ذلك لا يتوقّف على كون القضية شاملة لنفسها ، بل يمكن أن يتأتّى ذلك بطريق حكم العقل بحسن الاطاعة مع ضميمة أنّ كلّ ما حكم به العقل يحكم به الشارع. فكلّ أمر له إطاعة ، وكلّ إطاعة حسنة عقلا ، وكلّ ما حسّنه العقل أوجبه الشارع ، فكلّ اطاعة أوجبها الشارع.
لكن قد يقال بانقطاع السلسلة على الاطاعة الأولى ، لأنّ إطاعة الأمر بالاطاعة لا يراها العقل شيئا قابلا للحسن أو القبح ، كي يحكم بحسنها ويستكشف الحكم الشرعي من حكم العقل بحسنها.
وإن شئت فقل : إنّ التسلسل الباطل هو التسلسل في العلل ، بأن يكون هذا الشيء معلولا لشيء آخر ، وذلك الآخر معلولا لثالث وهكذا ، فإنّه يلزم من وجود المعلول عدمه ، لتوقّف علّته على علّتها ، وهكذا إلى ما لا يتناهى. أمّا التسلسل في المعلولات بأن يكون هذا الشيء علّة لآخر ، وذلك الآخر ـ المفروض كونه معلولا ـ علّة لآخر وهكذا فلا مانع منه. فالأمر الأوّل الصادر من الشارع علّة لتحقّق عنوان الاطاعة في امتثاله ، وهذا العنوان علّة في تولّد الأمر بالاطاعة ، وهكذا.
والالتزام بكون هذه الأوامر ارشادية إلى ما يحكم به العقل من حسن