الاطاعة أو لزومها ، لا حاجة إليه بعد إمكان كونها مولوية ، ويكون حكم الشارع بوجوب إطاعة أوامر نفسه كحكم العقل بوجوب إطاعة أوامر نفسه ، فكما أنّ حكم العقل بلزوم إطاعة أوامر نفسه لا تكون إرشادا إلى شيء خارج عن الحكم العقلي ، فكذلك حكم الشارع بوجوب إطاعة أوامر نفسه لا يكون إرشادا إلى حكم آخر خارج عن الحكم الشرعي.
نعم ربما يشكل على هذه الطريقة فيما نحن فيه بلزوم عقابات متعدّدة غير متناهية عند العصيان ، وثوابات كذلك عند الاطاعة. ويمكن الجواب عنه بأنّ هذه الأوامر وإن كانت مولوية ، إلاّ أنّها لا يترتّب الثواب على إطاعتها ولا العقاب على مخالفتها ، لكونها طريقية صرفة ، لا يكون المقصود بها إلاّ الواجب الأصلي الأوّلي ، وحينئذ يتوجّه إشكال اللغوية ، لتكفل حكم العقل بما يراد منها. فيكون الإشكال الوحيد على مولوية هذه الأوامر هو ما عرفت من اللغوية ـ دون لزوم التسلسل ـ التي يرجع إليها ما قيل من أنّ مقام الاطاعة غير قابل للتصرّف والجعل الشرعي ، فتأمّل.
ويمكن أن يقال : إنّ ما يدّعى من وجوب المقدّمات وجوبا شرعيا مولويا يشاركها في هذه اللغوية ، حيث إنّ العقل حاكم بلزوم الاتيان بها من باب الاطاعة أيضا ، ولا يترتّب على وجوبها عقاب ولا ثواب ، ولا تحتاج في سقوطها إلى قصد الامتثال.
نعم فرق بينهما أنّ أوامر الاطاعة لو قلنا بمولويتها والتزمنا بذهابها إلى ما لا نهاية له ، يستحيل فيها الاتيان بمتعلّقها بداعي أمره وإنّما أقصى ما في البين هو الاتيان بمتعلّق الأمر الأصلي ـ أعني الصلاة مثلا ـ بداعي قوله : « صلّ » ، وبذلك يتحقّق اطاعته ، وتكون هذه الاطاعة محقّقة لما تعلّق به قوله : « أطع أمر الصلاة ».