أمّا قوله : « أطع أمر الاطاعة المتعلّقة بالصلاة » فليس له اطاعة ثانية مضافة إلى الأمر المتعلّق باطاعة الصلاة ، بل لا يكون ما يصدر من المكلّف في البين إلاّ إطاعة واحدة هي إطاعة الأمر بالصلاة ، وهذه الاطاعة مسقطة للأمر المتعلّق بها وهو أوّل أمر من تلك الأوامر ، وبسقوطه تسقط الأوامر الباقية.
وإن شئت فقل : إنّ جميع أوامر الاطاعة تسقط بفعل الصلاة الموجب لسقوط الأمر المتعلّق بها ، لبقائها حينئذ بلا موضوع. وهكذا الحال في عصيان الأمر المتعلّق بالصلاة ، الموجب لسقوطه بالعصيان ، فإنّه يوجب ارتفاع موضوعها أيضا. ولعلّه لأجل ذلك لم يكن في البين إلاّ عقاب واحد عند العصيان ، وثواب واحد عند الاطاعة للأمر المتعلّق بالصلاة نفسها.
ثمّ إنّ ما ذكر من لزوم التسلسل في الوجوبات إنّما يلزم لو قلنا إنّ كلّ أمر لا بدّ أن تكون إطاعته واجبة حتّى أوامر الاطاعة ، بنحو ما ذكرناه من كون القضية شاملة لنفسها. أمّا لو قلنا بعدم ذلك وأنّ وجوب الاطاعة للأوامر لا يشمل أوامر الاطاعة وأنّه مقصور على الأوامر المتعلّقة بأفعال المكلّفين العادية مثل الصوم والصلاة ، دون الاطاعة نفسها ، فلا يكون لنا في سائر الأوامر إلاّ أمران : أمر متعلّق بالفعل ، وأمر آخر متعلّق باطاعة ذلك الأمر ، من دون أن يكون في البين أمر باطاعة أمر الاطاعة.
قوله : إنّ وجوب امتثال كلّ تكليف وحرمة عصيانه ينتهي بالأخرة إلى ما بالذات ، وهو حسن الطاعة وقبح المعصية ، والحسن والقبح فيهما لو انتهى إلى وجوب آخر لدار أو تسلسل ... الخ (١).
إنّ من يدّعي أنّ أوامر الاطاعة مولوية لا يريد أن يقول إنّ حسنها يتوقّف
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣٨ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].