على تعلّق الأمر المولوي بها ، كي يقال له إنّ حسنها ذاتي لا يتوقّف على أمر آخر.
ثمّ إنّا لو سلّمنا أنّ حسن إطاعة الأمر يتوقّف على أمر ، فأقصى ما يكون في البين هو أنّ حسن اطاعة طبيعة الأمر ـ أيّ أمر كان ـ يتوقّف على أمر ، فلا ريب أنّ هذا الأمر الذي يتعلّق بنفس الاطاعة ليس هو نفس الأمر الذي كان هو المطاع كي يلزم الدور. نعم يلزم التسلسل ، لكنّك قد عرفت (١) الحال في محاليته.
والحاصل : أنّي لم أتوفّق لكيفية تأتّي الدور فيما نحن فيه (٢) ، نعم في قوله : « ولو انتهى هو أيضا إلى غيره لدار أو تسلسل » (٣) يتأتّى الدور ، لأنّا لو فرضنا أنّ حجّيته العلم متوقّفة على الدليل وقيام حجّة عليها ، فلا ريب أنّ تلك الحجّية متوقّفة على العلم بها ، ولا بدّ من إثبات حجّيته ، فيكون حجّية العلم متوقّفة على حجّيته. وعلى أيّ لا معنى هناك ـ أعني في حجّية العلم ـ للتسلسل ، فتأمّل.
إلاّ أن نغاير بين العلوم فيقال إنّ العلم بوجوب الصلاة مثلا حجّة لقيام الرواية الفلانية عليه ، وحجّية الرواية المذكورة إنّما هي بالعلم بها ، وحجّية هذا العلم بالبيّنة مثلا ، وحجّية البيّنة بالعلم ، وحجّية هذا العلم بالإجماع ، وحجّية الإجماع بالعلم ، وهكذا ، فإن عادت السلسلة إلى الأوّل جاء الدور ، وإن ذهبت إلى ما لا نهاية له جاء التسلسل ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ التسلسل الباطل هو عدم التناهي في سلسلة العلل ، بأن
__________________
(١) في الصفحة ٣٦٣.
(٢) اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ نفس الاطاعة متوقّفة على وجود الأمر ، وإذا كان حسنها متوقّفا على تعلّق الأمر بها جاء الدور [ منه قدسسره ].
(٣) [ هذه العبارة وردت في النسخة القديمة غير المحشاة ، وأبدلت في الطبعة الحديثة بقوله : ولو انتهى العلم إلى غيره في حجّيته لدار أو تسلسل ].