للعقاب ، لما عرفت (١) فيما أشرنا إليه من أنّ هذا الأمر طريقي صرف ، لا يترتّب عليه أثر. وهذا ـ أعني عدم ترتّب الأثر على هذا الأمر المولوي ولزوم لغويته ـ هو الذي ينبغي أن يكون الإشكال الوحيد في المسألة ، لكنّهم التزموا بمثله في وجوب المقدّمة وجوبا شرعيا وإن كان غيريا ، وحينئذ فالذي ينبغي هو إسقاط الإشكال بالتسلسل. أمّا إشكال الدور فقد تقدّم (٢) أنّي لم أتوفّق لتطبيقه في المقام ، فتأمّل. إلاّ أن يراد منه أنّ الأمر المتعلّق بالاطاعة في الدرجة الثانية هو الأمر المتعلّق بالاطاعة في الدرجة الأولى.
أمّا مسألة حجّية العلم عقلا فهي مورد هذه القضية ، أعني قضية أنّ ما بالغير لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات ، لأنّا إذا قلنا إنّ حجّية العلم غير ذاتية وأنّها محتاجة إلى دليل ، فذلك الدليل لا يمكننا إثبات حجّيته إلاّ بالعلم ، وحينئذ يلزم الدور ، لأنّ حجّية العلم موقوفة على الدليل ، وحجّية ذلك الدليل موقوفة على العلم بحجّيته ، التي هي عبارة أخرى عن حجّية العلم.
أمّا تقريب التسلسل فيه فهو أن يقال : إنّ حجّية ذلك الدليل موقوفة على العلم بها ، وحجّية العلم بها موقوفة على الدليل وهكذا. لكن الظاهر أنّ العلم الواقع في هذه السلسلة هو نفس العلم الذي أردنا إثبات حجّيته لا شيئا آخر ، فلا يكون في البين إلاّ إشكال الدور ، فتأمّل.
وأمّا الجهة الثالثة : فقد عرفت تفصيل الكلام فيها فيما قدّمناه (٣) وأنّ ما
__________________
(١) في الصفحة ٣٦٤.
(٢) في الصفحة : ٣٦٦.
(٣) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٣٥٤.