الشرعي بالوجوب ، ولا يلزمه التسلسل ، إلاّ إذا قلنا بأنّ كلّ إطاعة هي حسنة بحكم العقل وأنّ كلّ إطاعة مأمور بها لقاعدة الملازمة (١). أو أنّ مثل قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ* )(٢) من قبيل شمول القضية لنفسها.
وقد عرفت المنع من ذلك. أمّا الثاني فواضح ، وأمّا الأوّل فلما عرفت (٣) من أنّ العقل وإن حكم بحسن الاطاعة ، إلاّ أنّ حكمه بذلك مقصور على إطاعة الأوامر العادية المتعارفة مثل قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ* )(٤). أمّا هذا الأمر المتعلّق باطاعة الأمر بالصلاة فلا يرى العقل إطاعته فعلا آخر في قبال اطاعة الأمر بالصلاة كي يحكم بحسنه ، ليكون حكمه بحسنه مستتبعا لحكم الشارع بوجوبه ، وهكذا ، ليلزم منه التسلسل ، هذا كلّه مضافا إلى ما عرفت (٥) الاشارة إليه من عدم المحالية في هذا النحو من التسلسل.
وعلى كلّ حال ، لا يلزم من كون إطاعة الأمر بالصلاة مأمورا بها شرعا أن يكون إطاعة الأمر المتعلّق بالاطاعة المذكورة موردا للثواب ، ولا عصيانه موردا
__________________
(١) والإنصاف أنّه لو تمّ هذا التسلسل وقلنا بمحاليته لكان من أقوى الأدلّة على بطلان الملازمة بين الأحكام العقلية والأحكام الشرعية. ولا يمكن الجواب عنه بخروج خصوص الاطاعة من قاعدة الملازمة ، فإنّ الملازمة لو كانت عقلية لم يعقل التخصيص فيها ، لأنّه تفكيك بين المتلازمين بلا جهة في البين ، سوى أنّه لو جرت الملازمة لكان اللازم هو التسلسل ، فتأمّل [ منه قدسسره ].
(٢) آل عمران ٣ : ٣٢ ، ١٣٢.
(٣) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٣٦٢ ـ ٣٦٥.
(٤) البقرة ٢ : ٤٣ ، ٨٣.
(٥) المصدر المتقدّم في الهامش (٣) ، وراجع أيضا ما تقدّم ذكره في الصفحة : ٣٦٦ قوله : والحاصل ....