خروج ذلك الفعل عن سلسلة الايجاب ، وتقيّد الفعل الذي وقع موردا للايجاب تقيّدا قهريا بكونه واقعا في سلسلة الايجاب وبداعيه ، فما لم يكن بداعيه ولو من جهة الجهل بوجوبه حكما أو موضوعا يكون خارجا عن تلك السلسلة ، ولأجل ذلك قلنا في محلّه (١) إنّ الأصل في الوجوب هو كونه تعبّديا ، فراجع ما علّقناه على هذه الجهة من مبحث التعبّدي والتوصّلي.
ثمّ إنّ هناك فرقا آخر بين الأحكام الشرعية والأحكام العقلية ـ ومحلّ الكلام في تنبيهات الاستصحاب (٢) ـ وهو قابلية الحكم الشرعي للشكّ فيه بنحو الشبهة الحكمية والموضوعية ، بخلاف الحكم العقلي فإنّه لمّا كان الحاكم فيه هو العقل ، فلا يتأتّى فيه الشكّ على نحو الشبهة الحكمية ، نعم يتأتّى فيه الشكّ على نحو الشبهة الموضوعية.
وأمّا الجهة الثانية : فقد أشرنا ـ فيما تقدّم (٣) ـ إليها ، وأنّه لم يتّضح كون الاطاعة والمعصية موردا لقاعدة « أنّ ما بالغير لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات » فإنّ من يدّعي صحّة تعلّق الأمر المولوي بالاطاعة مثلا لا يدّعي أنّ حسنها بالغير الذي هو الأمر المولوي ، كي يتوجّه عليه أنّه لا بدّ أن تنتهي السلسلة إلى إطاعة حسنة بالذات ، وإن لم يحصل ذلك الانتهاء يلزم التسلسل ، بل أقصى ما يدّعيه القائل بالمولوية هو أنّ الإطاعة حسنة عقلا ، وأنّه لا مانع من أن تكون موردا للحكم
__________________
(١) [ عند التعرّض لكلام المحقّق الكلباسي قدسسره ، فراجع المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ، الصفحة : ٤٦٦ وما بعدها. ولا يخفى أنّه قدسسره قد أبطل هذا القول فيما بعد ، فراجع الصفحة : ٥٠٥ ـ ٥٠٦ من المجلّد الأوّل ].
(٢) في التنبيه الخامس في فوائد الأصول ٤ : ٤٤٩ وتأتي حواشي المصنّف قدسسره عليه في المجلّد التاسع.
(٣) في أوّل هذه الحاشية ، فراجع الصفحة : ٣٦٦.