تصوّرين أو ثلاثة تصوّرات ، لأنّه كلّما كفى التصوّر الواحد كفى التصوّران أو الثلاثة ، ولا عكس. أمّا ذلك البيّن الذي اصطلحوا عليه بأنّه البيّن بالمعنى الأخص ، أعني ما يكون فيه حضور الملزوم في الذهن موجبا لحضور اللازم فيه وإن كان بينهما كمال المباينة ، كما في مثل البصر بالنسبة إلى العمى ، أو الأبوّة بالنسبة إلى البنوّة ، فينبغي أن يكون أجنبيا عن هذا اللزوم الذي سمّوه بيّنا بالمعنى الأعمّ ، بل بينهما كمال المباينة ، لأنّ ذلك في ناحية ، وهذا في ناحية ، فلا معنى للقول بأنّه أخصّ منه ، لأنّ هذا في ناحية ما يكفي في الحكم باللزوم بينهما ، وذاك راجع إلى أنّ حضور الملزوم في الذهن موجب لحضور اللازم فيه ، وأين هذه الناحية من ناحية الحكم باللزوم بينهما ، هذا.
مضافا إلى أنّ هذا اللازم ليس من عوارض الملزوم ، فكيف صحّ أن يعدّ من أقسام الخاصّة والعرض العام بقوله : وكلّ منهما إن امتنع انفكاكه عن الشيء فلازم بالنظر إلى الماهية أو الوجود ، بيّن يلزم تصوّره من تصوّر الملزوم (١).
نعم ربما كانت العبارة في بعض النسخ مبدّلة بقوله : بيّن يلزم من تصوّر الملزوم أو من تصوّرهما والنسبة بينهما الجزم باللزوم (٢). وحينئذ يكون اللازم البيّن بالمعنى الأخصّ منطبقا على ما ذكرناه من مثل لزوم ضعف الواحد للاثنين ، فيكون من عوارض الملزوم ، ويكون تصوّر الملزوم فيه كافيا في الحكم باللزوم. لكنّه على الظاهر من الغلط في العبارة من قبل النسّاخ ، فإنّه لم يذكر هذا المعنى للبين بالمعنى الأخصّ غيره من المنطقيين ، فراجع وتأمّل.
وعلى كلّ حال أنّ هذه الناحية ـ أعني الحكم بأنّ هذا العارض لازم لذلك
__________________
(١) الحاشية على تهذيب المنطق : ٤٦.
(٢) راجع المصدر المتقدّم.