لهما فيكون إنّيا من هذه الجهة ، وعلى الانتقال من علّتهما إلى المعلول الثاني فيكون لمّيا من هذه الجهة ، لكنّهم أدرجوه في الإنّي ، نظرا إلى أنّ الحجر الأساسي في الانتقال من أحد المعلولين إلى المعلول الآخر هو الانتقال الأوّل وهو إنّي ، فلأجل ذلك أطلقوا عليه اسم الإنّي ، وإلاّ فهو في الحقيقة مشتمل على كلا الانتقالين.
الأمر الثاني : أنّهم قسّموا التلازم وحصروه باعتبار منشئه في : كون أحد المتلازمين معلولا للآخر ، وكونه علّة له. وكونهما معلولين لعلّة ثالثة ، وكونهما متضايفين ، ولأجل ذلك كانت القضية الشرطية اللزومية منحصرة في أربعة أقسام : كون المقدّم علّة للتالي ، وبالعكس ، وكونهما معلولين لعلّة ثالثة ، وكونهما متضايفين مثل إن كان زيد أبا لعمرو فعمرو ابنه ، وحيث إنّ القضية الشرطية تشتمل على انتقال الذهن من المقدّم إلى التالي ، لأنّ قولنا إن كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا يشتمل على الانتقال الذهني من طلوع الشمس إلى وجود النهار ، نقول إنّ المقدّم فيها إن كان علّة للتالي كانت من قبيل الاستدلال والانتقال اللمّي. وإن لم يكن علّة للتالي بل كان الأمر بالعكس ، أو كانا معلولين لعلّة ثالثة ، أو كانا متضايفين ، كانت القضية الشرطية من قبيل الاستدلال والانتقال الإنّي.
ويمكن أن يقال : إنّ المتضايفين راجعان إلى المعلولين لعلّة واحدة ، حيث إنّ العلّة في أبوّة هذا لذاك وبنوّة ذاك لهذا هو تولّد هذا من ماء الأب ، وذلك التولّد هو العلّة في كون هذا أبا وذاك ابنا.
الأمر الثالث : أنّ صاحب التهذيب في القياس الاستثنائي قال : الاستثنائي ينتج مع المتّصلة وضع المقدّم ورفع التالي (١).
__________________
(١) الحاشية على تهذيب المنطق : ١٠٣.