وإلاّ فإنّ الجنس متّحد بالنوع ومحمول عليه ، لا أنّه شيء آخر يكون معلولا له أو علّة أو مضافا له.
ثمّ لا يخفى أنّ كون التالي أعمّ لا يتصوّر في القضية الشرطية المؤلّفة من المتضايفين ، ولا في القضية الشرطية التي يكون التالي فيها علّة للمقدّم ، إذ لا يعقل أعمّية أحد المتضايفين على الآخر ، ولا يعقل أعمّية العلّة من المعلول ، وإنّما يتصوّر ذلك فيما لو كان التالي معلولا للمقدّم ، فإنّه يتصوّر فيه كون المعلول أعمّ من العلّة باعتبار إمكان صدوره من علّة أخرى ، مثل : إن رمست يدك النجسة في الكرّ كانت طاهرة ، فإنّه يمكن حصول طهارتها من علّة أخرى هي غسلها بصب الماء القليل عليها. وكذلك يتصوّر كون التالي أعمّ من المقدّم في صورة كونهما معلولين لعلّة ثالثة ، بأن يكون المعلول الأوّل مساويا لتلك العلّة ولكن يكون الثاني أعمّ منها باعتبار امكان حصوله من غيرها.
وبعد الفراغ من هذه المقدّمات نقول بعونه تعالى : إنّك قد عرفت أنّ أهل المنطق قالوا إنّ رفع المقدّم لا ينتج رفع التالي ، ولا يخفى أنّ انتاج رفع التالي (١) لرفع المقدّم هو عبارة أخرى عن المفهوم الذي اصطلح عليه أهل الأصول ، فإنّ أهل الأصول يقولون إنّ قولنا إن كان هذا إنسانا كان ناطقا ، يلزمه أنّه إن لم يكن إنسانا لم يكن ناطقا وهو عبارة أخرى ممّا يتحصّل من قولك لكنّه ليس بإنسان فهو ليس بناطق ، الذي قال المنطقيون إنّه ليس بصحيح. وقد عرفت أنّ عدم صحّته حقيقة إنّما هو في صورة كون المقدّم علّة للتالي وفي صورة كونهما معلولين لعلّة ثالثة ، أمّا في صورة كون المقدّم معلولا للتالي وفي صورة كونهما متضايفين فقد عرفت أنّه صحيح حقيقة ، لكنّهم إنّما منعوه ليحتفظوا بقاعدتهم
__________________
(١) [ لا يخفى أنّ هذا من إضافة المصدر إلى المفعول ].