للتالي ذات مفهوم بعد قيام الدليل على انحصار العلّة ، جار في القضية التي يكون المقدم فيها مع التالي معلولين لعلّة ثالثة بعد قيام الدليل على حصر مورد المعلول الثاني الذي هو التالي بمورد المعلول الأوّل الذي هو المقدّم. ودليل الحصر فيهما واحد ، وهو أنّ مقتضى إطلاق الشرطية هو حصر موارد الجزاء بموارد الشرط الذي هو العلّة أو أحد المعلولين ، هذا.
مضافا إلى أنّ انكارهم المفهوم للقضية الشرطية التي يكون المقدم فيها معلولا للتالي أو يكونان متضايفين لم يتّضح وجهه ، مع أنّهما أولى بالمفهوم من القضية الشرطية التي يكون المقدم فيها علّة للتالي ، لأنّ المفهوم في هذه يتوقّف على دعوى الانحصار بخلافهما ، فإنّ انتفاء العلّة عند انتفاء المعلول وكذلك انتفاء أحد المتضايفين عند انتفاء الآخر لا يتوقّف على انحصار العلّة ، ولا يتصوّر في ذلك كون الجزاء الذي هو العلّة أعمّ من المقدم الذي هو المعلول ، أو الجزاء الذي هو أحد المتضايفين أعمّ من الآخر الذي هو المقدّم.
وما أفاده شيخنا قدسسره من البرهان على عدم صحّة المفهوم للقضية التي يكون المقدّم فيها معلولا قد عرفت (١) التأمّل فيه ، هذا. ولكن لا يخفى أنّ القضية التي يكون مقدّمها معلولا للتالي ، مثل إن وجب الوضوء فقد وجبت الصلاة ، لا يكون منطوقها صحيحا إذا كان للوجوب الطارئ على الوضوء علّة أخرى غير وجوب الصلاة ، إذ لا يكون وجوب الوضوء حينئذ كاشفا عن وجوب الصلاة ، فلا بدّ من إصلاحه بأنّ المراد منه الوجوب الغيري للصلاة. وحينئذ يتمّ المنطوق ويكون حاصل المفهوم أنّه إن لم يكن الوضوء واجبا بذلك الوجوب الخاصّ لم تكن الصلاة واجبة.
__________________
(١) في الصفحة : ٣٩٥.