ولو جيء بمثال آخر يكون المقدم فيه معلولا للتالي لم يصحّ المنطوق إلاّ فيما كانت العلّة منحصرة بذلك التالي ، وحينئذ يتشارك مع القضية التي يكون المقدم فيها علّة للتالي في التوقّف على الانحصار ، غايته أنّ التوقّف هناك للمفهوم بعد صحّة المنطوق في نفسه وفي هذا يكون التوقّف للمنطوق. وعلى أي حال لا يكون أخذ المفهوم من القضية الشرطية متوقّفا على كون المقدّم هو العلّة ، بل يأتي فيما لو كان المقدم معلولا ، غايته بعد الانحصار كما لو كان المقدم علّة.
وبالجملة : فيما لو كان المقدم هو المعلول لا بدّ من اصلاح المنطوق فيه بدعوى انحصار العلّة أو بدعوى كون المراد من المقدّم ـ أعني وجوب الوضوء ـ هو الوجوب الآتي من ناحية وجوب الصلاة ، أو التعبير بقولك قد يكون إذا وجب الوضوء وجبت الصلاة. وعلى أي واحد من هذه الاصلاحات يكون انتفاء ذلك المقدم كاشفا عن انتفاء ذلك التالي.
نعم ، إنّ في المقام مطلبا آخر ، وهو أنّه ربما يشكل على ما تقدّمت (١) الاشارة إليه في الأمر الثاني من حصر التلازم في الأقسام المذكورة ، فيقال إنّ العارض الذي هو من لوازم الماهية مثل زوجية الأربعة ، والعارض الذي هو من لوازم الوجود الخارجي مثل حرارة النار ، والعارض الذي هو من لوازم الوجود الذهني مثل الكلّية للإنسان ، ليست من قبيل العلّة والمعلول ، ولا من قبيل المعلولين لعلّة ثالثة ، ولا من قبيل المتضايفين ، فإنّ هذا النحو من التلازم قسم مستقلّ آخر وهو ملازمة العارض لذات المعروض ، بمعنى أنّ الزوجية لازمة لذات الأربعة ، لأنّها بالذات زوج لا أنّ ذاتها أوجدت الزوجية فكانت هي العلّة في
__________________
(١) في الصفحة : ٣٩١.