الفعل الواجب كالصلاة مثلا ، فإنّها قد قيّدت بقيود كثيرة منها التسبيحات في الركعتين الأخيرتين ، ولا ريب أنّ تقيّدها بالتسبيحات يكون مقيّدا بأن لا تخلفها الفاتحة ، فلا يكون انتفاء التسبيحات عند وجود الفاتحة في مقامها موجبا لانتفاء الصلاة أعني صحّتها ، وحينئذ تكون الفاتحة بدلا من التسبيحات بدلا عرضيا. وربما كان لبعض قيودها بدل طولي ، كما في الطهارة المائية التي لها بدل طولي الذي هو الطهارة الترابية ، ولازم ذلك انحصار قيدية الطهارة المائية للصلاة بما إذا كان متمكّنا منها ، كما هو الحال في القيود التي تسقط بالاضطرار أو النسيان بلا أن يكون لها بدل.
وهناك قيد آخر تكون قيديته مطلقة ، على وجه يكون انتفاؤه موجبا لانتفاء صحّة الصلاة بقول مطلق ، ولازمه سقوط الصلاة عند عدم التمكّن من ذلك القيد ، وذلك مثل مطلق الطهور ، بناء على أنّه يستفاد من قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) تقيّد الصلاة به تقيّدا مطلقا.
وربما يقال : إنّ طبع التقييد يقتضي القيدية والانتفاء عند الانتفاء ، ولا يحكم بسقوط القيدية في حال من الأحوال إلاّ بدليل خاصّ. لكن الظاهر أن طبع التقييد لا يكفي في ذلك أعني الحكم بالانتفاء عند الانتفاء ، بل لا بدّ من إثبات اطلاق التقييد وسرايته إلى ذلك الحال ، وحينئذ لو لم يكن في البين ذلك الاطلاق وبقينا نحن ومجرّد ثبوت التقييد على نحو الاهمال ، لم يمكن أن نحكم بالانتفاء عند انتفائه ، بل لا بدّ من الرجوع إلى الأصول العملية في ذلك. وتمام الكلام موكول إلى محلّه.
والغرض أنّه لو كان لدليل تقييد الصلاة بمثل الطهور مثلا اطلاق يشمل ما
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١.