البصرة لا يكون على نحو التركّب الاتّحادي بل يكون تركّبهما انضماميا ، فكذلك لا ينبغي الريب في أنّ تركّبه مع السير لا يكون تركّبا اتّحاديا ، بل هو تركّب انضمامي ، وذلك لما عرفت من أنّه وإن لم يكن مقولة مستقلّة في عرض سائر المقولات المتأصّلة إلاّ أنّه عرض من الأعراض ، والأشبه أن نقول إنّه من مقولة الاضافة.
وكيف كان ، فإنّ حقيقته هو تلك الاضافة بينهما ، ونسبته إليهما على حدّ سواء. فكما أنّ تركّبه مع الجوهر الذي هو البصرة يكون تركّبا انضماميا ويستحيل كونه تركّبا اتّحاديا ، فكذلك تركّبه مع الطرف الآخر من طرفيه الذي هو السير نفسه ، وقد عرفت أنّه بنفسه قابل لتعلّق الأمر به والنهي عنه ، وحينئذ يمكن أن يكون أصل السير مأمورا به ويكون الابتداء به من البصرة منهيا ، ويكون ذلك داخلا فيما نحن فيه ، ويكون حاله حال الأمر بالصلاة والنهي عن الكون في الدار المغصوبة فيما لو أوقع الصلاة فيها ، ولا فرق بينهما إلاّ في أنّ كون الصلاة في الدار المغصوبة من مقولة الأين وابتداء السير من البصرة من مقولة الاضافة ، بل هو في التركّب الانضمامي أوضح من الصلاة في الدار المغصوبة ، لامكان أن يقال إنّ الصلاة بنفسها تصرّف في الدار المغصوبة ، بخلاف السير والابتداء فإنّه لا يعقل أن يكون أحدهما عين الآخر ، فهما في ذلك نظير الصلاة واستقبال القبلة في كون الاستقبال واسطة بين الصلاة والقبلة في قوله صلّ إلى القبلة ، فإنّه مثل سر من البصرة.
وقد اصطلح شيخنا قدسسره (١) على هذا النحو من العوارض المأخوذة من تعلّق الجار والمجرور بالفعل بأنّه من قبيل متمّم المقولة ، وهذا المعنى الذي شرحناه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٤٨.