التوليدي المنطبق على الترك ، وإلاّ فإنّ مجرّد ملازمة الترك لذلك العنوان لا توجب كونه مطلوبا ـ : أنّه بناء على ذلك لا بدّ من الكسر والانكسار وتقديم ما هو الأقوى ملاكا في نظر الشارع ، فيكون ما يجعله الشارع مطابقا له ، حيث إنّ التزاحم المذكور إنّما يكون من قبيل التزاحم في مقام الجعل والتشريع الموجب للكسر والانكسار ، فإنّ هذا من أوضح موارده لكونه بين النقيضين. وهكذا الحال في استحباب الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، بل في استحباب أحد المتلازمين في الوجود وكراهة الآخر ، كما في استقبال المشرق واستدبار المغرب مثلا. وبناء على ما ذكرناه من لزوم الكسر والانكسار في أمثال ذلك لا بدّ أن يكون دليل الكراهة الذي مفاده استحباب الترك معارضا لدليل استحباب الفعل حتّى على القول بجواز الاجتماع ، فلا بدّ حينئذ من الجواب عن هذا القسم بجواب آخر ، انتهى.
قلت : لا يخفى أنّ أغلب المستحبّات تكون متزاحمة في مقام الجعل والتشريع ، لعدم قابلية الوقت لجميع المستحبّات الواردة فيه بالخصوص فضلا عمّا يدخل فيه بطريق العموم ، ومن الواضح أنّهم لم يجروا فيها قاعدة الكسر والانكسار ، فليكن استحباب العبادة فيما نحن فيه وكراهتها بمعنى استحباب تركها من هذا القبيل ، كما هو مقتضى توجيه الشيخ قدسسره ، إذ ليس تنافي الفعلين أو الأفعال التي لا يسع الزمان إلاّ بعضها إلاّ كتنافي الفعل والترك في استحباب كلّ منهما ، غاية الأمر أنّ التنافي فيما نحن فيه يكون من قبيل تنافي المتناقضين ، وفي مثل المستحبّات المتعدّدة في زمان واحد يكون من قبيل تنافي التضادّ ، وهذا المقدار من الفرق لا يوجب التفرقة بينها في جريان قاعدة الكسر والانكسار في الأوّل دون الثاني.