جُزْتَ عَلَيْهَا وَتَرَكْتَهَا ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهَا (١) آخِرَ الدَّهْرِ ، أَخْرِبْهَا وَلَا تَعْمُرْهَا (٢) ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُؤْمَرْ (٣) بِعِمَارَتِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّكَ سَتُسْأَلُ غَداً إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ عَنْ أَرْبَعٍ : شَبَابِكَ فِيمَا أَبْلَيْتَهُ؟ وَعُمُرِكَ فِيمَا أَفْنَيْتَهُ؟ وَمَالِكَ مِمَّا اكْتَسَبْتَهُ (٤) وَفِيمَا أَنْفَقْتَهُ؟ فَتَأَهَّبْ لِذلِكَ ، وَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً ، وَلَا تَأْسَ (٥) عَلى مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا ؛ فَإِنَّ قَلِيلَ الدُّنْيَا لَايَدُومُ بَقَاؤُهُ ، وَكَثِيرَهَا لَا يُؤْمَنُ بَلَاؤُهُ ، فَخُذْ حِذْرَكَ ، وَجِدَّ فِي أَمْرِكَ ، وَاكْشِفِ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِكَ ، وَتَعَرَّضْ لِمَعْرُوفِ رَبِّكَ ، وَجَدِّدِ التَّوْبَةَ فِي قَلْبِكَ ، وَاكْمُشْ (٦) فِي فَرَاغِكَ ، قَبْلَ أَنْ يُقْصَدَ قَصْدُكَ (٧) ، وَيُقْضى قَضَاؤُكَ ، وَيُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تُرِيدُ ». (٨)
١٩١٣ / ٢١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليهالسلام يَقُولُ : « فِيمَا نَاجَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ (٩) مُوسى عليهالسلام : يَا مُوسى ، لَاتَرْكَنْ إِلَى الدُّنْيَا رُكُونَ الظَّالِمِينَ ، وَرُكُونَ مَنِ اتَّخَذَهَا أَباً وَأُمّاً.
__________________
(١) في « ف » : + / « إلى ».
(٢) في « ف » : « لا تعمّرها » على بناء التفعيل. و « أخربها » أي دعها خراباً بترك ما لاتحتاج إليه من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح والمساكن ، والاقتصار على القدر الضروري في كلّ منها. كذا في المرآة.
(٣) في « ز » : « لم تؤمن ».
(٤) في « ف » : « اكسبته ».
(٥) « الأسى » : الحزن. وحقيقته : اتّباع الفائت بالغمّ. المفردات للراغب ، ص ٧٧ ( أسا ).
(٦) « اكمش » أي اسرع وعجّل. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٣٤٣ ( كمش ).
(٧) في المرآة : « قصدك ، أي نحوك ، كناية عن توجّه ملك الموت إليه لقبض روحه ، أو توجّه الأمراض والبلايا من الله إليه ».
(٨) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها ، ح ٢٥٩٢ ، إلى قوله : « حتّى تموت غمّاً » مع زيادة في آخره الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٩٨ ، ح ٢١٨٦ ؛ وج ٥ ، ص ٨٩١ ، ح ٣٢٣٦ ؛ وفي البحار ، ج ٧٣ ، ص ٢٣ ، ح ١٣ ؛ وفيه ، ص ٦٨ ، ح ٣٦ ، إلى قوله : « أبعد لها من الخروج حتّى تموت غمّاً ».
(٩) في « ز » : ـ / « به ».