يَا مُوسى ، لَوْ وَكَلْتُكَ إِلى نَفْسِكَ لِتَنْظُرَ لَهَا (١) ، إِذاً لَغَلَبَ (٢) عَلَيْكَ حُبُّ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا.
يَا مُوسى ، نَافِسْ (٣) فِي الْخَيْرِ أَهْلَهُ (٤) ، وَاسْتَبِقْهُمْ (٥) إِلَيْهِ ؛ فَإِنَّ الْخَيْرَ كَاسْمِهِ (٦) ، وَاتْرُكْ مِنَ الدُّنْيَا مَا بِكَ الْغِنى عَنْهُ ، وَلَا تَنْظُرْ (٧) عَيْنُكَ إِلى كُلِّ مَفْتُونٍ بِهَا وَ (٨) مُوكَلٍ (٩) إِلى نَفْسِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَدْؤُهَا حُبُّ الدُّنْيَا ، وَلَا تَغْبِطْ أَحَداً بِكَثْرَةِ الْمَالِ ؛ فَإِنَّ مَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ تَكْثُرُ (١٠) الذُّنُوبُ لِوَاجِبِ الْحُقُوقِ (١١) ، وَلَا تَغْبِطَنَّ (١٢) أَحَداً بِرِضَى النَّاسِ عَنْهُ حَتّى تَعْلَمَ أَنَّ اللهَ رَاضٍ عَنْهُ (١٣) ، وَلَا تَغْبِطَنَّ مَخْلُوقاً (١٤) بِطَاعَةِ النَّاسِ لَهُ ؛ فَإِنَّ طَاعَةَ النَّاسِ لَهُ وَاتِّبَاعَهُمْ إِيَّاهُ عَلى غَيْرِ الْحَقِّ هَلَاكٌ لَهُ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ (١٥) ». (١٦)
__________________
(١) في « ز » والبحار : « عليها ».
(٢) في حاشية « ض » : « لغلبك ».
(٣) « نافس في الخير أهله » ، أي سابقهم فيه ، والمنافسة : الرغبة في الشيء على وجه المباراة في الكرم ، والمباراة : المسابقة. راجع : الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩٨٥ ؛ لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٣٨ ( نفس ).
(٤) في البحار : ـ / « أهله ».
(٥) في « ب ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : « واسبقهم ».
(٦) في الوافي : « كاسمه ؛ يعني أنّ الخير خير كلّه كما أنّ اسمه خير ».
(٧) قال في مرآة العقول : « ولا تنظر ، على بناء المجرّد. عينك ، بالرفع أو بالنصب بنزع الخافض ، أي بعينك. وربّما يقرأ : تُنظر ، على بناء الإفعال ، أي لاتجعلها ناظرة إلى كلّ مفتون بها ، أي مبتلى مخدوع بها ».
(٨) في « ز ، ص » : ـ / « و ».
(٩) في « ب ، ج » : « موكّل » بالتشديد. وفي مرآة العقول : « المتبادر أنّه على بناء المفعول ، لكن كأنّ الظاهر حينئذٍ : وموكول ؛ إذ لم يأت « أوكله » فيما عندنا من كتب اللغة ، لكن كثير من الأبنية المتداولة كذلك. ويمكن أن يقرأ على بناء الفاعل من الإيكال بمعنى الاعتماد ».
(١٠) في « ز » : « كثرة ». وقال في مرآة العقول : « تكثر الذنوب ، بصيغة المضارع من باب حسن ، أو مصدر بابالتفعّل ». والأنسب هو الأخير ؛ لأنّه اسم « إنّ ».
(١١) في حاشية « ض » : « الحقّ ».
(١٢) « الغِبْطَة » : أن تتمنَّى مثل حال المغبوطِ من غيرِ أن تريد زوالَها عنه ، وليس بحسد. الصحاح ، ج ٣ ، ص ١١٤٦ ( غبط ).
(١٣) في « ج » : ـ / « عنه ».
(١٤) في « ج » وحاشية « ض ، ف ، بر » والبحار : « أحداً ».
(١٥) في « بر » : « تبعه ».
(١٦) الكافي ، كتاب الروضة ، ضمن الحديث الطويل ١٤٨٢٣ ، بسنده عن عليّ بن عيسى رفعه ، من دون الإسناد