تشجيع الشعر والشعراء :
إن من الواضح : أن الشعر العربي له تأثير السحر على روح وعقل وعواطف الإنسان العربي ، الذي ينجذب إليه ، ويقبل بكل مشاعره وأحاسيسه عليه.
ومن الواضح : أن هذا الأمر أيضا يجعل الشعر قادرا على القيام بدور فاعل وقوي في مجال الاستئثار بقسط من الاهتمام لدى فريق كبير من الناس.
فلماذا إذن لا يعطى للشعر هذا الدور ، ليخفف من الأعباء التي أصبحت ترهق كاهل الحكم في هذا الاتجاه؟!
ولأجل ذلك نجد : أن المبادرة لتنشيط الاتجاه الأدبي ، والاهتمام بالشعر ، قد جاءت من قبل نفس الخليفة الذي تبنى السياسات التي أشرنا إليها تجاه الحديث والقرآن ، ونفذها بدقة ، ورسّخها بحزم ، وحافظ عليها بقوة.
فأمر بكتابة الشعر ، والاحتفاظ به ، فدونوا ذلك عندهم ، وكانت الأنصار تجدده إذا خافت بلاه (١).
بل لقد روى لنا مالك في موطئه ، في أواخر كتاب الصلاة : أنه بلغه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في ناحية المسجد ، تسمى «البطيحاء» وقال : «من كان يريد أن يلغط ، أو ينشد شعرا ، أو يرفع صوته ، فليخرج إلى هذه الرحبة» (٢).
وحاول أن يكتب شعر الشعراء ، فكتب إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة ،
__________________
(١) الأغاني ط ساسي ج ٤ ص ٥ و ٦.
(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٠٠.