لا حق عن سابق. وطبيعي أن يكون اهتمام الباحث بادئ ذي بدء منصبا على دراسة حال الناقلين للنص ، لتحصيل درجة من الوثوق والاعتماد ، ليكون ذلك عذرا أمام الله لو كان خطأ ، وليكون حجة لله تعالى عليه لو أصاب ، وليرضى بذلك الوجدان ، ويطمئن القلب والضمير له ، لو أريد الإقدام والإحجام على أساسه ، حيث تكون ثمة حاجة إلى ذلك.
وواضح : أن من عرف عنه : أنه يكذب في خبره ، أو لا يدقق ولا يحقق فيه ، فلا يمكن الاعتماد على ما يخبر به إلا بعد تأكيد صحته من مصادر وجهات أخرى.
وكذا الحال بالنسبة لخبر من عرف عنه : أنه ينساق وراء هواه السياسي أو المذهبي ، أو يستسلم لمشاعره العرقية ، أو يتعصب لبلد ، أو لطائفة أو غير ذلك ، الأمر الذي يحتم علينا دراسة حالة الرواة لمعرفة ميولهم ، وارتباطاتهم السياسية والمصلحية وغيرها ، على أن من الضروري الالتفات إلى أن ضعف سند الحديث ، لا يعني بالضرورة أنه مكذوب ومجعول ، بل ما يعنيه هو أن الخلل في السند قد أخل بدرجة الوثوق والاعتماد على النص ، فلا بد لتحصيل الوثوق به من طرق ووسائل أخرى.
٢ ـ التزام النهج البياني الصحيح :
ومن جهة أخرى ، إذا فرض : أن النص صادر عن رئيس الفصحاء والبلغاء ؛ فلا بد من التأكد من سلامته في مبانيه اللغوية ، وفي أدائه على النهج العربي الصحيح ، من حيث التركيب ، والتزام قواعد الإعراب ، ومراعاة ضوابط الفصاحة والبلاغة فيه ، على نحو يليق بمن صدر عنه ، وينسجم مع لغته ، ونهجه البياني.