عن الرسول «صلى الله عليه وآله» يسد الطريق على عمر بن الخطاب للتفكير في كتابة السنن ، وتجد الكثيرين يعترضون عليه حينما طلب منهم أن يأتوه بما كتبوه : بأن هذا يخالف أمر النبي «صلى الله عليه وآله» بمحو ما كتب.
كما أن حديثا كهذا يجعل وجود حديث مكتوب عند الصحابة أمرا متعذرا ، إلا إذا فرض أنهم أو كثير منهم لا يأبهون لأوامر النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، ولا لنواهيه.
أو يكون المقصود هو إظهار المنافقين الذين خالفوا أوامر النبي «صلى الله عليه وآله» في هذا الأمر.
وإذا كان المنافقون هم أهل تلك الأحاديث المجموعة ، فإن حديثهم لا قيمة له.
كما أن المنافقين لابد أن يلتفتوا إلى وجه الخدعة لهم ، ولسوف لن يقروا على أنفسهم بأمر فيه إدانة وإهانة لهم.
التقليد والمحاكاة :
ونسجل هنا : أننا نجد : أن استدلال الخليفة الثاني لصحة ما أقدم أو يريد أن يقدم عليه ، من المنع من كتابة ورواية حديث النبي «صلى الله عليه وآله» بما تقدم ذكره ، قد صار هو الاستدلال التقليدي لكل الذين جاؤوا بعد عمر ، وحرصوا على العمل بسنته ، وتنفيذ سياساته ، فراجع النصوص التاريخية المختلفة فيما يرتبط بهذه الناحية (١).
__________________
(١) راجع على سبيل المثال : تقييد العلم ص ٥٣ ـ ٥٧ وراجع ص ٦١.