وقد ذكر ابن الفوطي ما يدل على أن رسم التمذهب بالمذاهب الأربعة في بغداد ، والمنع من ذكر آراء غيرهم قد كان قبل هذا التاريخ بحوالي عشرين سنة أو أكثر ، فراجع كلامه حول افتتاح المدرسة المستنصرية ، ثم رسم تعليم المذاهب الأربعة فيها ، والمنع مما عداها (١).
وقد كان ابن الصلاح المتوفى سنة ٦٤٣ ه. قد أفتى بحرمة الخروج على تقليد الأئمة الأربعة ، مستدلا له بإجماع المحققين (٢).
تكريس المذاهب بالأموال :
ونقل البعض : أن العباسيين في بغداد طلبوا من أهل المذاهب أموالا ، فلم يستطع الشيعة تأمين المال المطلوب ، لكن الحنفية ، والمالكية ، والحنبلية ، والشافعية قد دفعوا المال المطلوب لأجل اتساع حالهم ، وتيسر المال لديهم ، وكان ذلك في زمن الشريف المرتضى المتوفى سنة ٤٣٦ ه. فآل ذلك إلى تكريس المذاهب في الأربعة ، واتفقوا على بطلان ما عداها ، وجوزوا الاجتهاد في المذهب ، ولم يجوزوا الاجتهاد عن المذهب (٣).
وقد فصل ابن قيم الجوزية أقوال القائلين بانسداد باب الاجتهاد ، وزمان ذلك الانسداد ، وقولهم : لا يجوز الاختيار بعد الماءتين ، وناقش تلك الأقوال ، فراجع (٤).
__________________
(١) تاريخ حصر الاجتهاد ص ١٠٥ ـ ١٠٧.
(٢) المصدر السابق ص ١٠٨.
(٣) راجع : رياض العلماء ج ٤ ص ٣٣ و ٣٤.
(٤) أعلام الموقعين ج ٢ ص ٢٧٥ ـ ٢٧٨. والاجتهاد في الإسلام ص ٢١٨ ـ ٢٤٦.