إفتراض لا يجدي :
ونريد أن نفترض مسبقا ، وقبل الدخول في تفاصيل القضايا :
أن حديث : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» ، قد قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله» حقيقة ، وبلا ريب.
ولكن هذا الافتراض لا يجدي ، ولا يثبت به الرخصة بالأخذ عن أهل الكتاب ، والركون إليهم ، ورواية أباطيلهم ، وأساطيرهم.
إذ إن هذا التعبير إنما يفيد جواز نقل ما وصل إليهم من أخبار بني إسرائيل الثابتة والمعلوم صحتها ، مما أخبرهم الله ونبيه به.
حيث كانوا يتوهمون عدم جواز روايتها وتداولها ، فورد الترخيص لهم بذلك. لا أن يأخذوا عن علماء أهل الكتاب ما يصدرونه لهم من غث وسمين ، وصحيح وسقيم.
شيوع الأخذ عن أهل الكتاب :
ومهما يكن من أمر ، فإن الناس كانوا يأخذون من كعب الأحبار ، الذي كان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية (١) وعن وهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام ، وغيرهم من علماء وأحبار أهل الكتاب ، الذين أظهروا الإسلام.
قال الكتاني : «وأخذ كثير من علية الصحابة عن كعب الحبر معروف» (٢).
__________________
(١) راجع : سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٤٨٩ والبداية والنهاية ج ١ ص ١٨.
(٢) التراتيب الإدارية ج ٢ ص ٣٢٧.