ومن أمثلة ذلك : أن ابن دحية قد كذّب الرواية التي تقول :
إن هارون مدفون في أحد ؛ لأنه قدم هو وأخوه موسى إلى الحج أو العمرة ، فمات هناك ، فواراه أخوه موسى فيه.
قال ابن دحية : «هذا باطل بيقين ، وإن نص التوراة : أنه دفن بجبل من جبال بعض مدن الشام» (١).
إصرار مسلمة أهل الكتاب على العمل بالتوراة :
وتشير النصوص التي بين أيدينا : «إلى أن الذين أسلموا من أهل الكتاب قد استمروا على تعظيم توراتهم وعلى العمل ببعض ما فيها ـ كما ذكره المفسرون لآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)(٢)» (٣).
وقد روي : أن عبد الله بن سلام ، وثعلبة ، وابن يامين ، وأسد ، وأسيد بني كعب ، وسعيد بن عمرو ، وقيس بن زيد ، وكلهم من اليهود جاؤوا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقالوا :
يا رسول الله ، يوم السبت كنا نعظمه ، فدعنا فلنسبت فيه ، وإن التوراة كتاب الله ، فدعنا فلنقم بها بالليل.
فنزلت الآية (٤) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً).
وفي نص آخر : «أن ابن سلام وغيره ممن أسلم من اليهود استمروا على
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢١٦.
(٢) الآية ٢٠٨ من سورة البقرة.
(٣) الدر المنثور ج ١ ص ٢٤١ عن ابن أبي حاتم.
(٤) الدر المنثور ج ١ ص ٢٤١ عن ابن جرير.