من الذي يفتي الناس؟!
وبعد ما تقدم ، فقد كان لابد للناس ، الذين يدينون بهذا الدين ، ويريدون أن يطبّقوا أحكامه وشرائعه على حركاتهم وسلوكهم ومواقفهم ـ لا بد لهم ـ من مرجع يرجعون إليه ، ليفتيهم في أمور دينهم ، ويبيّن لهم أحكامه ، من دون أن يتعرض لرواية عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، لا من قريب ، ولا من بعيد.
وبديهي ، أنه لا يمكن السماح لكل الناس بالتصدي للفتوى ؛ لأن ذلك يحمل معه مخاطر كبيرة وخطيرة ، ويجعل السلطة في مواجهة مشاكل صعبة ، ويضعها أمام إحراجات لا طاقة لها بها. وذلك حينما تتعارض فتاواهم وتتناقض.
أو حينما تصدر عن بعض الناس فتاوى قد يعتبرها الحكام ومن يدور في فلكهم مضرة في مصالحهم في الحكم ، أو في غيره.
وهذا الأمر يحمل معه أجواء الاستدلال والاحتجاج ، والتأييد والرد ، ثم الإدانة ، وتسفيه الآراء.
ومعنى ذلك هو : العودة إلى طرح النصوص القرآنية ، والكلمات والمواقف النبوية ، كوسائل إقناع واحتجاج ، فيكون ما فروا منه قد عادوا فوقعوا فيه.