التمهيد للتقليد :
وقد لاحظنا : أنهم ، وهم يحكمون على من مارس الاجتهاد ، ولم يقلد من يحبون ، أو من استشعر من نفسه أنه يصلح لاستنباط الأحكام ، بالمروق من الدين ، وخلع ربقة الإسلام من عنقه ، حسبما تقدم عن التهانوي ، قد مهدوا لسد باب الاجتهاد ، ولكن بذكاء حينما ناقشوا أولا مسألة خلو العصر من المجتهد ، فلما جوزوه ، انتقلوا إلى القول بأن الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.
فقد «حكى الزركشي في البحر عن الأكثرين : أنه يجوز خلو العصر من المجتهد ، وبه جزم صاحب المحصول.
قال الرافعي : الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.
قال الزركشي : ولعله أخذه من كلام الإمام الرازي ، أو من قول الغزالي في الوسيط : قد خلا العصر من المجتهد المستقل» (١).
وقد ناقشهم الشوكاني ، وأبطل هذا الزعم منهم ، فراجع كلامه (٢).
ويقول نص آخر : «قد استدل بما صرح به الإمام حجة الإسلام قدس سره ، والرافعي ، والقفال بأنه وقع في زماننا هذا الخلو» (أي من المجتهد).
إلى أن قال : «من الناس من حكم بوجوب الخلو من بعد العلامة النسفي ، واختتم الاجتهاد به. وعنوا الاجتهاد في المذهب».
أما الاجتهاد المطلق ، فقالوا : «اختتم بالأئمة الأربعة ، حتى أوجبوا
__________________
(١) إرشاد الفحول ص ٢٥٣.
(٢) إرشاد الفحول ص ٢٥٣ و ٢٥٤.