تقديم (١)
بداية :
إن حياة المجتمعات ليست أحداثا متباينة ومنفصلة عن بعضها البعض ، وإنما هي استمرار ، يضع الماضي كل ما حصل عليه من عمله الدائب ، وجهاده المستمر في صميم هذا الحاضر ، ليستمد منه الكثير من عناصر قوته وحركته ، ووسائل تطوره ، ثم تقدمه بخطى ثابتة ومطمئنة نحو المستقبل الذي يطمح له ، ويصبو إليه.
فمن الطبيعي إذن ، أن نجد لكثير من الأحداث التاريخية ، حتى تلك التي توغلت في أعماق التاريخ ، حتى لا يكاد يظهر لنا منها شيء ـ نجد لها ـ آثارا بارزة ، حتى في واقع حياتنا اليومية الحاضرة ، بل تظهر آثارها في حياة الشعوب ، وفي تصرفاتها ، بل وفي مفاهيمها وعواطفها ، فضلا عن تأثيرها على الحالة الدينية ، والأدبية ، والعلمية ، والسياسية والاقتصادية ، والعلاقات الاجتماعية ، وغير ذلك.
وإن كان تأثير هذه الأحداث يختلف شمولا وعمقا من أمة لأخرى ،
__________________
(١) هذا التقديم عبارة عن ملامح من تقديم كتابنا : «الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام» ، ونوردها هنا لصلتها المباشرة بموضوع بحثنا هذا ، وحتى لا نضطر إلى إحالة القارئ على ذلك الكتاب.