ولأجل هذا نجد : «أن كثيرا من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة ؛ لرده كثيرا من أخبار الآحاد العدول ، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما اجتمع من الأحاديث ، ومعاني القرآن» (١).
٤٥ ـ موافقة أهل الكتاب :
أما ما نرى : أنه قد جاء موافقا لأهل الكتاب ، فهو لا يعني ـ بالضرورة ـ أن أهل الكتاب قد تلاعبوا بهذا الدين ، وأدخلوا فيه ترهاتهم.
وذلك لوجود ضابطة مزعومة تقول : إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يحب موافقة أهل الكتاب في كل ما لم يؤمر به (٢).
رغم أننا قد قدمنا : أن الأمر كان على عكس ذلك تماما ، ولسوف يأتي في هذا الكتاب ، حين الكلام حول صيام عاشوراء ما يثبت ذلك أيضا إن شاء الله تعالى.
٤٦ ـ حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج :
أما بالنسبة للرواية عن بني إسرائيل ، وإعطاء الفرصة لأهل الكتاب لبث سمومهم ، والعبث بأفكار الناس ، وتسريب عقائدهم ، وأفكارهم ، وحتى أحكامهم الفقهية إلى المسلمين ، فليس الذنب في ذلك ذنبهم ، وإنما كان ذلك انسجاما مع الضابطة المقررة ، وامتثالا للمرسوم الذي يقول : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
__________________
(١) أضواء على السنة ص ٣٧٠ عن الانتقاء ص ١٤٩.
(٢) راجع : صحيح البخاري ط الميمنية ج ٤ ص ٦٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٣٢ وزاد المعاد ج ١ ص ١٦٥.