وإذا كان الأمر كذلك ، لم يعد كتاب هداية ، كما لا يبقى معنى للتدبر فيه ، فلا معنى إذن لقوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(١) ، وقوله : (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٢) ، وقوله : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)؟! (٣).
وهل يبقى بعد هذا معنى لجعل النبي «صلى الله عليه وآله» القرآن أحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما إلى يوم القيامة؟!
ولماذا يكلف الله الناس بحفظ وتلاوة هذا القرآن ، بما له من حجم كبير ، ما دام أن لا ربط له بحياتهم ، ودينهم ، ومعاشهم ، ومعادهم؟!
وأخيرا ..
لما ذا يهتم العلماء والمفكرون بتفسير القرآن ، وشرح ألفاظه ، وبيان معانيه ، وكشف مراميه؟! إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة ، التي لن تجد لدى هؤلاء الجواب المقنع والمفيد والسديد.
قبل الختام :
قد ذكرنا في هذا الفصل بعض الثوابت التي لا بد من الإلزام والالتزام بها في مجال البحث العلمي والموضوعي ، إذا أريد الوصول إلى نتائج معقولة ، ومقبولة ، ومرضية للوجدان العلمي والإنساني.
وليكن ما ذكرناه ، وسواه مما لم نذكره مما يقره العقلاء والمنصفون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم ، واتجاهاتهم ، هو المنطلق لنا في تعاملنا مع كل
__________________
(١) الآية ٢ من سورة البقرة.
(٢) الآية ٩ من سورة الإسراء.
(٣) الآية ٢٤ من سورة محمد.