وإن كانت السنة مقدمة على الكتاب ، فلماذا يمنع من الحديث عن النبي «صلى الله عليه وآله» ، ويعاقب من حدث عنه؟!.
وإذا كان كذلك ، فما معنى اجتهاد الصحابة ، واجتهاد غيرهم ، وما هي وسائل الإجتهاد التي يمكنهم من خلالها كشف الواقع ، والوصول إلى أحكام الله سبحانه ما دام أنه لا مجال للإستفادة من القرآن ، ولا من السنة؟
ماذا جرى للقرآن؟!
ولا نبعد إذا قلنا : إنه ربما تكون السياسة التي كانت تقضي بالمنع
من السؤال عن معاني القرآن ومراميه قد تركت آثارا عميقة في الناس عبر التاريخ ، حيث أصبح الإهتمام بالقرآن يقتصر في الأغلب على الأمور الشكلية فيه ، كتحسين الصوت إلى حد التغني به ، والإهتمام بتعداد حروفه وآياته ، ومعرفة الحروف أو الكلمات الموجودة في هذه السورة ، والمفقودة في تلك ، وإجراء مقارنات وإحصاءات كثيرة ومتنوعة في هذا الإتجاه ، ثم جاء الإهتمام بالشكل ، والخط ، والورق ، وكيفيات الكتابة ، وبالحركات ، والإشكال ، والنقوش ، وما إلى ذلك.
وكأن القرآن لم ينزل إلا من أجل أن يترنم به المقرئون ، ويردده المرددون بالنغمات الحسان ، وبأبدع الألحان .. ويصبح تحفة من التحف ، ومن الذخائر التي يتنافس أرباب المال ، ورجال الأعمال على اقتنائها ، ثم أصبح القرآن كتاب موت ، لا كتاب حياة ، يقرأ في الفواتح وعلى القبور ، أو يعلق من أجل البركة على الجدران والصدور.
وبعد هذا ، فلا ندري أي فائدة تبقى لما اشتمل عليه القرآن من أوامر وزواجر ، وقوانين ، وتشريعات ، سياسية ، واجتماعية ، وفقهية ، وغيرها؟!