ولعل ذلك القول من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك أثراً بالغاً في نفس عمر بل وحتى في نفوس الصحابة فكانوا يحترمون العباس ويجلّونه ، حتى روى ابن أبي الزناد عن أبيه : انّ العباس بن عبد المطلب لم يمرّ قط بعمر ولا عثمان وهما راكبان إلّا ترجّلا حتى يجوزهما إجلالاً له أن يمرّ وهما راكبان وهو يمشي (١).
وقد ورد في مستدرك الحاكم عن ابن عباس : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجلّ العباس إجلال الوالد (٢).
وأخرج الترمذي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب : انّ العباس دخل يوماً على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مغضباً وانا عنده فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أغضبك ؟ فقال : يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مسفرة ، فاذا لقونا لقونا بغير ذلك ، فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أحمرّ وجهه ثم قال : (والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجلٍ الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله ، ثم قال أيها الناس من آذى عمي فقد آذاني فإنما عم الرجل صنو أبيه) (٣) ، وفي رواية ابن حجر (ما بال أقوام يتحدثون فاذا رأوا الرجال من أهل بيتي قطعوا حديثهم والله لا يدخل قلب الرجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني) (٤).
ويجد الباحث في صور بعض عهود النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واقطاعاته شهادات للعباس ، نحو : قسمة قمح خيبر وفيها شهد عباس بن عبد المطلب. وآخر (٥) والاقطاع
_______________________
(١) عيون الأخبار لأبن قتيبة ١ / ٢٦٩ ط دار الكتب.
(٢) مستدرك الحاكم ٣ / ٣٢٤ وصححه ، وأقره الذهبي في التلخيص ، كما رواه في سير أعلام النبلاء ٣ / ٤١٤ ط دار الفكر.
(٣) صحيح الترمذي ٥ / ٦٥٢ تح إبراهيم عطوة عوض ، ومستدرك الحاكم ٣ / ٣٣٣ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤٩٩.
(٤) الصواعق المحرقة / ٢٢٨ تح عبد الوهاب عبد اللطيف.
(٥) مجموعة الوثائق السياسية / ٢٢ رقم ١٨ ط مصر.