وإليك اللفظ برواية محمّد بن سلام قال ـ بعد ذكر السند إلى سعيد بن جبير ـ : « سمع ابن عباس رضياللهعنهما يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ ثمّ بكى حتى بلّ دمعه الحصى ، قلت : يا ابن عباس ما يوم الخميس ؟ قال : أشتد برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجعه فقال : (ائتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : ما له أهَجَر ، أستفهموه ، فقال : (ذروني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه) ، فأمرهم بثلاث : قال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، والثالثة خير ، إمّا أن سكت عنها ، وأمّا أن قالها فنسيتها » (١).
قال سفيان : هذا من قول سليمان.
وثمة رواية ثالثة للبخاري لحديث سفيان عن شيخه قتيبة ـ وهو الحادي عشر في القائمة ـ ذكرها في كتاب المغازي في باب مرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووفاته ، وهي تتفاوت مع ما مرّ من روايتي قبيصة ومحمّد بن سلام تفاوتاً جزئياً ، وفيها : « فقالوا : ما شأنه أهجر أستفهموه فذهبوا يردون عليه » (٢).
أقول : ومع ذلك فيبقى العجب من البخاري ، إذ هو يروي الحديث عن سفيان برواية ثلاثة من شيوخه وهم سمعوه من شيخهم سفيان ، ومع ذلك لم تتفق رواياتهم على نحو الدقة ، بل أنّ في بعضها زيادة على الأخرى كما مرّ في رواية محمّد بن سلام فراجع.
وفوق ذلك أنّ البخاري لم يعقّب على الإختلاف بشيء ممّا يوهم أنّ ذلك من الرواة ، مع انّ المتتبع لأحاديث صحيح البخاري يجد كثيراً من نحو هذا ،
_______________________
(١) نفس المصدر ٤ / ٩٩.
(٢) نفس المصدر ٦ / ٩.