وأمّا رواية أحمد بن حماد الدولابي ـ الخامس عشر في القائمة ـ فقد أخرجها الطبري في تاريخه (١) وقد مرّت الإشارة إليها في رواية يحيى بن آدم ـ أوّل القائمة ـ.
أقول : وعلى القارئ أن يقارن بين ما رواه وبين روايات من أشار إليهم البيهقي وقد مرّت ليرى مدى التفاوت من حذف وتغيير ، وأربأ بنفسي معه عن سوء التعبير والتقدير.
والآن ونحن قد طالت مسيرتنا مع الصورة التاسعة الّتي رواها خمسة عشر من أعلام الحفاظ وأئمّة الحديث كلّهم عن سفيان بن عيينة ، فقد رأينا الاختلاف بين رواياتهم ، ممّا يجعلنا نشك في دقة سلامتها اللفظية وإذا تجوّزنا لهم الحمل على الصحة فنقول : إنّهم تجوزوا النقل بالمعنى ، ولكن ليس هذا بجائز دائماً ، خصوصاً ما دام يغيّر من بُنية الحديث المعنوية.
ومهما كان الاعتذار عنهم ، فكيف الأعتذار عن حديث راو شارك سفيان ابن عيينة في سماعه الحديث من سليمان الأحول ، وهو شبل بن عباد ، فقد روى هذا الشبل عن الأحول الحديث ، وأخرجه الطبراني في معجمه بسنده عن عبدان عن هارون عن أبيه زيد بن أبي الزرقاء عن شبل عن سليمان الأحول عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس ، يوم أشتد فيه وجع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر الحديث » ، هكذا ذكره الطبراني (٢).
أقول : وإذ لم يسبق من الطبراني أن ذكر قبله حديثاً مشابهاً ، فكيف جاز له أن يقول : وذكر الحديث ، أي حديث يشير إليه كما تقتضيه الدلالة العهدية. فمن ذا يا ترى هو الّذي بتر الحديث وأبلس من ذكره.
_______________________
(١) تاريخ الطبري ٣ / ١٩٣.
(٢) المعجم الكبير ١٢ / ٥٦ ط الثانية.