ما علمه من تقدير الله تعالى ، وذلك كما همّ في أوّل مرضه حيث قال : وارأساه ثمّ ترك الكتاب وقال : يأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر ، ثمّ قدّمه في الصلاة ، وقد كان سبق منه قوله عليهالسلام : إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجره ، وفي تركه صلّى الله عليه (وآله) وسلّم الإنكار على عمر رضياللهعنه دليل على استصوابه.
فإن قيل كيف جاز لعمر رضياللهعنه أن يعترض على ما أمر به النبيّ عليه الصلاة والسلام.
قيل له : قال الخطابي : لا يجوز أن يحمل قوله إنّه توهم الغلط عليه أو ظن به غير ذلك ممّا لا يليق به بحاله ، لكنه لما رأى ما غلب عليه من الوجع وقرب الوفاة خاف أن يكون ذلك القول ممّا يقوله المريض ممّا لا عزيمة له فيه فيجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين ، وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يراجعون النبيّ عليه الصلاة والسلام في بعض الاُمور قبل أن يجزم فيها كما راجعوه يوم الحديبية ، وفي الخلاف وفي الصلح بينه وبين قريش ، فإذا أمرنا بالشيء أمر عزيمة فلا يرجعه أحد. قال : وأكثر العلماء على أنّه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه فيه الوحي ، وأجمعوا كلّهم على أنّه لا يقرّا عليه.
قال : ومعلوم أنّه صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وإن كان قد رفع درجته فوق الخلق كلّهم فلم يتنزه من العوارض البشرية ، فقد سها في الصلاة فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الاُمور في مرضه فيتوقف في مثل هذه الحال حتى يتبين حقيقته ، فلهذه المعاني وشبهها توقف عمر رضياللهعنه وأجاب المازري ... ». ثمّ ذكر ما تقدم من أقوال المازري.