الأعلى من الجنة) ، فعلمت أنّه خُيّر فأختار. وكانت تقول : قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين سحري ونحري وذلك نصف نهار يوم الاثنين لليلتين من شهر ربيع الأوّل... » (١).
هذا ما أردنا نقله من قراءة ابن خلدون في مقدمته وتاريخه ، لنوقف القارئ على تخبطه في عرض ماجرى في فترة مرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحتى وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكأنّه قد جنّد نفسه لتكثيف حضور أبي بكر وآل أبي بكر. فأبو بكر فهم نعي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نفسه حين قال : (انّ عبداً من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وبين ماعنده) ، وفهمها أبو بكر فبكى فقال : « بل نفديك بأنفسنا وأبنائنا » فقال : (على رسلك يا أبا بكر) ؟
وأبو بكر يحظى ببقاء بابه شارعاً إلى المسجد وتغلق سائر الأبواب غير بابه ؟
وأبو بكر يؤمر بالصلاة دون غيره ؟ وأخيراً أضطجع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجرة ابنة أبي بكر ، وعبد الرحمن بن أبي بكر يدخل وفي يده سواك أخضر فينظر إليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعلم عائشة ابنة أبي بكر أنّه يريده فتأخذه وتمضغه حتى لان وتعطيه فيستنّ به. وأخيراً توفي وهو في حجرها وبين سحرها ونحرها. فهذا الحضور المكثّف لأبي بكر وآل أبي بكر يثير التساؤل عن عمل أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبقية نسائه أين كانوا وماذا كان في حضورهم ؟ في قراءة أبن خلدون ؟
_______________________
١ / ٤٣١ نقلاً عن البخاري. وفي الهامش تخريجه عن مسلم في صحيحه ، والقرطبي في تفسيره ، والبيهقي في سننه الكبرى ، والتبريزي في مشكاة المصابيح ، والزبيدي في اتحاف السادة المتقين ، والعراقي في المغني عن حمل الأسفار ، وابن حجر في فتح الباري. فراجع موارد ذكرهم).
وفي لفظ آخر : وإن الله جمع بين ريقي وريقه عند الموت (سير أعلام النبلاء ١ / ٤٣١) نقلاً عن البخاري ، وفي الهامش مصادر تخريجه فراجع ، ولعل الرجل كان على قدر من الحكنة أحسّ بأن ذكر الحبكة بجميع خيوطها سيكشف للقاريء عن زيفها جملة وتفصيلاً.
(١) تاريخ ابن خلدون ٢ / ٨٤٩ ط دار الكتاب اللبناني.