الّذي أراد النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم كتابته كان فيه الوصية بخلافة عليّ ، فلذا منع منه عمر. وهو كذب منهم عليه » (١).
وبقيت تهمته للشيعة بوضع حديث الرزية منطوقاً ومفهوماً حتى الأمس القريب. ألم يقل محمّد عزة دروزة في كتابه (تاريخ العرب في الإسلام تحت راية الخلفاء الراشدين) : « ونحن لا نستبعد أن تكون الرواية من مصنوعات الشيعة المتأخرين » (٢).
أقول : ونحن قد ذكرنا مصادر الرواية وعرضنا أسماء الرواة حسب القرون ولم نذكر فيهم من الشيعة أحداً ، فهل كلّ أُولئك الحفاظ كانوا في غفلة عما رآه دروزة أو أنها منه طعنة الهمزة اللمزة !
والرجل بالرغم من كثرة كتبه التأريخية لا أراه إلّا راجلاً في تميز أحداث التاريخ ، ولست متجنياً عليه ، فهنا يقرأ له قوله بعد ذكر رواية الطبري في إجبار أمير المؤمنين على البيعة لأبي بكر : « ونرجح أنّ هذا الخبر مصنوع مدسوس من الشيعة » (٣) ، ولم يَزَل يرسل في غير سدد ، حتى جعل رواية أبي بكر في مطالبة الزهراء عليهاالسلام بفدك فروى لها « إنا لا نورّث ما تركناه صدقة » ، هي نهاية الخصام وبها انقطع الكلام ، ولعلّه يحاول من طرف خفي إشارة إلى الوئام فقال : « ويكون ماعدا ذلك من مزيدات الشيعة ومدسوساتهم » (٤).
_______________________
(١) نسيم الرياض بشرح الشفاء للقاضي عياض للشهاب الخفاجي ٤ / ٢٨٤ ط أفست دار الكتاب العربي بيروت.
(٢) تاريخ العرب في الإسلام تحت راية الخلفاء الراشدين / ١٦ ـ ١٧.
(٣) نفس المصدر / ١٦ ـ ١٧.
(٤) نفس المصدر.