واعطف على ذلك ما جاء في الحديث الثاني : (يأبى الله والمؤمنون إلّا أبا بكر) ، فقد أبى ذلك حين تخلف عنه مَن ذكرنا واختلفوا فيه ، فأين مانسب إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : (يأبى الله) ، والّذي وقع خارجاً يثبت أنّه تعالى لم يأبَ ذلك ، وأنّ المؤمنين أيضاً لم يأبوا ذلك حين تخلفوا عنه واختلفوا فيه.
قال الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه : « ولا شك أنّ الوضع ظاهر في هذا الحديث وانه أريد به معارضته حديث الشيعة في أمر كتاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي ينسب إلى عمر أنّه منعه ، ولو صح كتاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبي بكر لكان نصاً جلياً لأبي بكر ، وهو مالم يقل به جمهور المسلمين ، ثمّ لم يطلب النبيّ أن يكتب الكتاب ثمّ يعدل عنه ؟ ولم يثبت انّ عائشة دعت أباها ولا أخاها وما أحرصها على دعوتها في أمر جليل كهذا ... ا ه » (١).
سبحان الله حديث الدواة والكتف الّذي ترويه كتب الصحاح والمسانيد والتاريخ والسير من جميع المسلمين ، يقول عنه الدكتور : (حديث الشيعة) ؟ وحديث عائشة الّذي لا يشك هو بوضعه يقول لو صح ... لكان نصاً جلياً لأبي بكر ؟ وهو مالم يقل به جمهور المسلمين؟ ولعله لم يقف على قول ابن حزم في الفصل : « فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده ... » (٢) ، وهكذا تبقى ازدواجية المعايير عند المحدَثين كما كانت عند السابقين.
ونعود لحديث عائشة وحديث عبد الرحمن فنقول : ولو كان للحديث أدنى نصيب من الصحة لأظهراه عند حاجة أبيهما إلى أدنى دعم في أحرج وقت ، فلماذا كتماه وهما ولداه.
_______________________
(١) نظرية الإمامة لدى الشيعة الأثنى عشرية / ٢٣٦ ط دار المعارف بمصر.
(٢) الفصل ٤ / ١٠٨.