وقابلت قريش دعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بكل ما تملك من وسائل الحول والطول ، وأصاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين عنت شديد. وما كان الباعث لقريش على ذلك إلّا الحسد والتعصب والانصياع لعصبية القبيلة ، والحفاظ على تقاليدهم الموروثة. فكانت ممعنة في ايذاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والنفر المسلمين ، وسلكت في سبيل ذلك مسالك كان منها مطاردة المسلمين وتعذيب بعضهم بالضرب والجلد حتى مات بعضهم تحت العذاب (١).
ولمّا لم تجد كل تلك الوسائل في صد تلك الدعوة ، اتخذوا قرارهم المشئوم بتحالفهم على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب : (ألا ينكحوا إليهم ولا يُنكحوهم ، ولا يبيعوا لهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم حتى ينبذوا محمّداً) فكانت تلك الصحيفة القاطعة نقطة تحوّل في موقف بني هاشم وحلفائهم وذلك بعد أن كتبتها قريش ، ووضعوا فيها ثمانين خاتماً وعلقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم (٢).
وكان الذي كتبها منصور بن عكرمة فشلّت يده (٣).
_______________________
٩ ـ أبو سعيد الخدري ـ المصدر السابق.
١٠ ـ عبد الله بن عباس ـ المصدر السابق ٢ / ٤٥٨ قال : « أول من أسلم عليّ عليهالسلام ».
وهناك أحاديث عن عمر وابنه عبد الله وانس بن مالك وغيرهم من الصحابة انهم رووا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله لعليّ عليهالسلام : (انه أول الناس إسلاماً). وأمام هذه الجمهرة من أحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقوال الصحابة ، لا تثبت لمتخرّص ـ مهما حاول ـ قائمة ، والصبح أبلج لذي عينين.
(١) أنظر تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٧ ـ ٢٦ ، وابن هشام ١ / ٢٧٨ ـ ٤٠٠ ، وابن سعد ١ / ١٨٤ ـ ١٩٥ ، والطبري ٢ / ٣٢٢ ـ ٣٤٤ ، والعقد الثمين ١ / ٢٢٨.
(٢) سيرة ابن هشام ١ / ٢٧٢.
(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٣٤٣ ، والفاسي في العقد الثمين ١ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.